لم يكن يتخيل اللاعب محمد أبو بيض أنه سيكون هدفا للاحتلال (الإسرائيلي) خلال عدوانه على قطاع غزة مؤخرا.
أبو بيض أصيب خلال استهداف مجموعة من المواطنين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة, قبل أن يكتب الله له إكمال حياته بساق واحدة (اليمنى), بعد أن بترت اليسرى فور وصوله لمستشفى الشفاء.
الحياة الرياضية
ولد اللاعب في تاريخ 25-6-1987, في أسرة كروية تقطن حي الشجاعية, حيث بدأ حياته الرياضية لحظة التحاقه بمدارس وكالة الغوث للاجئين.
حرص أبو بيض خلال فترة دراسته على تنمية موهبته الكروية عبر اللعب في بطولات الساحات الشعبية, قبل أن يلتحق بصفوف نادي الدرج مطلع عام 2006.
مكث ابن حي الشجاعية في نادي الدرج حوالي ست سنوات, كونه أُجبر على ترك النادي نظرا للظروف المالية الصعبة التي يعيشها.
في 2013 أي بعد عام من تركه الدرج, انتقل للعب مع الوفاق وهناك شارك معه في عدة بطولات رسمية, كانت كفيلة بظهوره بمستوى مميز نال إعجاب العديد من الأندية في الدرجات المختلفة.
وجعل مستواه الرائع في الملعب المدرب في نادي المجمع الإسلامي حافظ جندية يتحرك لضمه, لكن قدر الله كان أكبر بعدما لم يكتب له دخول أبواب المجمع اثر بتر ساقه.
تفاصيل الاستهداف
في اليوم الرابع من العدوان, لم يدر في خلد أبو بيض أن الاستهداف سيكون نصيبه, إذ كانت الصواريخ (الإسرائيلية) تتساقط كالمطر على أراضٍ زراعية بجوار منزله في شارع النزاز بالشجاعية.
اضطر سكان المنطقة للخروج من منازلهم والنزوح غربا ومن ضمنهم عائلة اللاعب أبو بيض.
وقدّر الله للاعب أن يعود لمنزله بعد خروجه بدقائق لأخذ بعض الحاجيات, هنا يروي أبو بيض: "عند وصولي لبيتنا كانت الصواريخ (الإسرائيلية) تهطل كالمطر, بفضل الله اخذت بعضا من أغراضي وخرجت".
يكمل بعدما أعاد رأسه إلى الوراء كأنه يرجع بذاكرته "عندما ابتعدت عن المنزل بحوالي 100م, قصفت الطيارة علينا أنا ومجموعة من جيراني صاروخا واحدا, كان المشهد مخيفا".
واستشهد على الفور في هذا الاستهداف ثلاثة من أصدقاء أبو بيض, بينما أصيب هو في قدمه اليمنى التي بُترت لحظة وصوله لمستشفى الشفاء.
وأكد اللاعب أنه بعد أيام من إصابته في العدوان, تم تحويله للعلاج في أحد المشافي المصرية بمدينة العريش, وهناك مكث حوالي 15 يوما قبل أن يعود لقطاع غزة بسلام.
ألم لفراق الكرة
بعد نهاية العدوان على غزة, عاد أبو بيض إلى منزله كغيره من آلاف السكان المشردين, ليتفاجأ بحجم الدمار الذي طال الشجاعية.
ولكن عقب تواجده في منزله بعد رحلة نزوح "موجعة", أحسّ اللاعب بألم شديد كما لم يكن من قبل, إذ أنه حرِم من ممارسة لعبته المفضلة "كرة القدم", والتي كان يترك بسببها العمل كي يذهب للمباراة كما يؤكد لنا.
اللاعب العشريني يتحدث بحسرة: "كرة القدم أغلى شيء في حياتي, كان أغلب أوقاتي رياضة, لقد انتزعوا مني حلمي بمواصلة اللعب في الملاعب, لكن الحمد لله على كل شيء".
ويؤكد أبو بيض أنه سيواصل ممارسة الرياضة, رغم بتر قدمه اليسرى, مشيرا إلى أنه تحدث مؤخرا مع أحد أعضاء اتحاد كرة الطائرة جلوس للانضمام إلى أحد الأندية, متمنيا أن ينجح من خلالها بالحصول على شرف ارتداء قميص المنتخب الوطني.
ويوضح أن الاعلام أولى قضيته اهتماما ملحوظا فور استهدافه, مستغربا من المسؤولين عن الرياضة في فلسطين الذين لم يعيروا قضيته أي اهتمام.
ويناشد اللاعب المسؤولين بضرورة التدخل السريع لتسهيل سفره للخارج من أجل استكمال رحلة علاجه, كونه بحاجة إلى تركيب طرف صناعي.
وبهذا الاستهداف الغاشم تكون (إسرائيل) قد قتلت أحلام لاعب فلسطيني بمواصلة ممارسة لعبته المفضلة الذي بدأ التعلق بها منذ 12 عاما, لتجعله يكمل حياته بساق واحدة.