ينتظر عشرات آلاف المنكوبين جراء الحرب على قطاع غزة على أحر من الجمر عقد مؤتمر المانحين لبناء بيوتهم المدمرة وعودة عائلاتهم المشردة.
ورغم البعد الإعلامي الكبير الذي احتله المؤتمر في وسائل الإعلام وعلى لسان رؤساء ووزراء دول عربية وأوروبية، إلا أنه لم يحدث أي حراك جدي كما كان متوقعا نحو عقده، وجرى تأجيل موعده من بداية سبتمبر الجاري إلى أجل غير مسمى.
اقتصاديون أوصوا في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة نت" على ضرورة إنشاء هيئة خاصة مستقلة لإعادة اعمار قطاع غزة ممثلة من القطاعين العام والخاص وجميع الجهات ذات الاختصاص، وذلك للتنسيق والإشراف على مشاريع الاعمار كافة، وتحديد موعد عقد المؤتمر والتجهيز سريعًا للمشاركة فيه.
وخلّفت (إسرائيل) خلال العدوان الذي شنته ضد قطاع غزة ودام 51 يوما، دمارا كبيرا لم يشهد من قبل، وهناك عشرات آلاف الوحدات السكنية بحاجة إلى إعادة بناء وترميم.
بحاجة لتنفيذ
الخبير الاقتصادي عمر شعبان أكد على ضرورة إعداد الخطط والتصورات اللازمة لإعادة الاعمار تمهيدا لعرضها على مؤتمر المانحين، ومراعاة مشاركة جميع الأطراف الفلسطينية ذات العلاقة ضمن الوفد الذي سيشارك في المؤتمر.
وشدّد شعبان في حديث لـ"الرسالة نت" على ضرورة مشاركة الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وذوي العلاقة بالمؤتمر، معتبرًا ذلك الخطوة الأولى على طريق إعادة الاعمار وتحقيق النتائج المرجوة من المؤتمر.
وقال: "على المؤتمر أن يكون الانطلاقة الطبيعية لإعادة الاعمار، ويجب تحديد موعد عقده قريبًا"، مشددًا على ضرورة تطبيق ما يصدر من توصيات عن المؤتمر، وألا تظل مجرد حبر على ورق.
وأعرب شعبان عن خوفه في أن يكون حال المؤتمر المزمع عقده مثل سابقه الذي عقد بشرم الشيخ في الثاني من آذار عام 2009 بعد الحرب الأولى على قطاع غزة، حيث تعهد المانحون خلال المؤتمر بتقديم 4.7 مليار دولار لإعادة الاعمار ولم يتم التبرع وتنفيذ الوعود.
ولم يلتزم المانحون بتنفيذ ما تعهدوا به تحت ذرائع مختلفة منها الحصار المفروض على غزة، وبالتالي فإن الشرط الأساس لإنجاح مؤتمر المانحين الشهر المقبل أن يتم رفع الحصار كليا.
ورأى شعبان أن تأجيل المؤتمر كان بسبب الوقت الكبير ومشاورات وقف إطلاق النار التي لم تنتهي حتى الآن، وحاجة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لوقت كبير لإنهاء الاتفاق.
الإسراع في المؤتمر
المختص في الشأن الاقتصادي الحسن بكر عدّ من جهته مؤتمر المانحين ضرورة عاجلة في هذه الفترة للاقتصاد الفلسطيني الذي تحول من مرحلة المأساة ما قبل العدوان على غزة إلى مرحلة الكارثة بعده.
وقال بكر في حديث لـ"الرسالة نت": "يجب مشاركة ذوي الاختصاص من القطاعات المختلفة في المؤتمر وضرورة إعادة الإعمار سريعًا، وأن يتم تشغيل أصحاب البيوت المدمرة في الإعمار".
ودعا بكر المجتمع الدولي للتحرك الفوري وعدم التأخر في عقد المؤتمر وتنفيذه بأسرع وقت ممكن لحاجة الشعب الفلسطيني العاجلة للمساعدة.
وأشار إلى أن معدلات البطالة ما قبل العدوان كانت أقل من 40% ، في حين تخطى معدلها حاجز 50% بعد الحرب، ولن يهبط إلا ببدء الاعمار وتشغيل الأيدي العاملة؛ وفق بكر.
وأضاف: "هناك مئات الآلاف من المشردين ولا يمكننا الحديث عن عودة عجلة الاقتصاد الفلسطيني للدوران قبل توفير إيواء مناسب لهؤلاء النازحين ممن دمرت منازلهم نتيجة العدوان وهو ما يجعل ضرورة عقد المؤتمر في أسرع وقت ممكن أمرا في غاية الأهمية".
وتُقدِّر إحصائيات أن هناك 40 ألف وحدة سكنية تضررت بالكامل و 80 ألف وحدة تضررت جزئيًا خلال الحرب، ما أدى إلى تشريد سكانها.
وكان رئيس السلطة محمود عباس قد أعلن أن نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري أو مطلع تشرين أول/ أكتوبر المقبل سيكون الموعد المحدد لعقد المؤتمر.
لابد من عقده
أما وزير الخارجية المصري سامح شكري فأكد الثلاثاء الماضي، أنه لا مجال لفشل مؤتمر إعادة إعمار غزة، المزمع عقده في مصر أوائل أكتوبر المقبل.
وأضاف شكري، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي، أن بلاده تأمل في مشاركة دولية لإعمار غزة، مؤكدًا وجود اجماع دولي حول ذلك.
ودعا إلى تثبيت الاتفاق الذي تم بين الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي) برعاية مصرية للدخول في مرحلة الإعمار.
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس من جانبه، أعلن عزمه التوجه إلى القاهرة للمشاركة في المؤتمر.
وأجرى شكري اتصالا مع نظيره الأمريكي جون كيري، بحثا خلاله السبت الماضي، ملف مؤتمر إعادة إعمار غزة، وجرى الحديث عن آخر التطورات المرتبطة بالأوضاع في غزة، والاتصالات الجارية بين الجانبين (الإسرائيلي) والفلسطيني لبدء المفاوضات غير المباشرة بينهما حول الموضوعات والقضايا الأخرى.
وجرى التشاور بين شكري وكيري حول التحضيرات الجارية لإعمار القطاع في ضوء المؤتمر الدولي الذي تستضيفه مصر بالتعاون مع النرويج.
وكان أحد وزراء حكومة التوافق قد قال إنه لم يجر بعد الاتفاق على الدول التي ستحضر المؤتمر، ولا على طريقة الدعوة، مشيرا إلى أن ذلك ربما سيشهد ترتيبا في الأيام المقبلة، دون تحديد موعد.
وأضاف الوزير -لم يكشف عن اسمه-: "من الناحية المبدئية ستكون دول الخليج العربي، والدول الأوروبية على رأس الحضور، إضافة إلى الأمم المتحدة، التي ستشرف مع السلطة الفلسطينية على الإعمار".