قائد الطوفان قائد الطوفان

أحد منفذي عملية موقع الـ16

سلام المدهون: سامحوني يا أعز الناس

 الاستشهادي القسامي سلام المدهون
الاستشهادي القسامي سلام المدهون

غزة - حمزة أبو الطرابيش

"رجائي منكِ يا صباح لا تؤجلي عرسك. يابا سامحني. ياسين اهتم بنفسك وبأمي واخوية بلال. عبد الكريم أنت كبيري بس انا ما بدي أتزوج.  صفاء والله لتسمي إلى في بطنك سلام. سامحوني يا أعز الناس".

ذاك النص ملخص أحاديث أجراها الاستشهادي القسامي سلام المدهون مع أفراد عائلته قبل ثلاثة أيام من تنفيذ عملية إنزال خلف خطوط العدو مع مجموعة مجاهدين من وحدات النخبة قرب موقع الـ16 شرق بيت حانون.

تفاصيل العملية: خاض المقاتلون اشتباكا مسلحا مع وحدة خاصة (إسرائيلية), وأجهزوا على6 جنود من مسافة صفر وعلى رأسهم ضابط كبير هو قائد كتيبة غيفن (الإسرائيلية), وعند الانسحاب خانتهم القوة الجوية التي يتمتع بها الاحتلال. حينها استشهد عشرة من بينهم سلام فيما عاد مجاهدان حسب ما أعلنته كتائب القسام.

في محل صرافه واقع وسط مخيم جباليا صاحَبَنا أبو محيي والد سلام. جلسنا معه ليحدثنا عن حواره الأخيرة مع فلدة كبده.

أعاد رأسه إلى الوراء. ثم صمت برهة وقال:" جاءني سلام يطلب مني ان أسامحه(..) وطلب أدعيله في كل سجدة صلاة".

السبب الرئيسي في تسمية الاستشهادي بهذا الاسم هو أن سلام من مواليد الـ 93، أي بالتزامن مع توقيع اتفاقية السلام "أوسلو". في ذلك الوقت كان الوالد متفائلا بالساسة العرب وما بشروا به من وعود سرابية!  وفق أبو محيي.

 وسلام ليس الشهيد الأول الذي تقدمه عائلة أبو محيي، ففي نهاية صيف 2004 استشهد ابنهم البكر محيي جراء قصف طائرة بدون طيار (إسرائيلية) لمجموعة مرابطين في المخيم.

اختتم الوالد حديثه: "أنا مسامحه. حتى الأن مش مصدق أنه استشهد. الله يرحمه ويحسن إليه".

تركنا الوالد في محله للذهاب إلى منزله الذي يبعد أمتار عن المحل لنشاهد النهاية التي رسمها سلام قبل رحيله بأيام.

في غرفة الاستقبال كانت جدرانها متزينة بصور محيي ولسلام، هنا واحدة لمحيي مرسومة بقلم الفحم. وهنا آخرى كبيرة مزخرفة لسلام.

لم نطل الحديث مع والدة الاستشهادي فكان ملخص حوارنا معها:" الله يرحمك يا سلام (..) سلم على أخوك محيي وديروا بالكم على بعض".

 معالم الحسرة والاشتياق كانت حاضرة على ملامح الأم. لا نعلم إن كانت قد ارتسمت هذه المعالم عند تذكرها ابنها البكر محيي الذي فقدته قبل عشرة أعوام أم حزنًا على سلام، لكن الأرجح على الاثنين معًا.

وتابعت المكلومة بعد ما مسحت دمعتها الجارفة على خدها: "طلبي الوحيد بالدنيا قبل ما أموت أن أقبل جسد ابني البطل".

ولا تزال قوات الاحتلال حتى صياغة هذا التقرير تحتجز جثامين الشهداء القساميين منفذي عملية شرق بيت حانون في مقابر خاصة.

ياسين الذي أخذ من ملامح أخيه سلام كثيرًا. جاءه اتصال من رقم مجهول تبين حينها أنه ذلك الاستشهادي، ويقول: "قبل العملية بثلاثة أيام كلمني سلام، وكان مختلف عن كل مرة بحكي معي فيها. طلب مني أن أهتم في أمي وأخوية الصغير بلال".

قاطعتنا صباح أخت سلام الذي اقترب موعد زواجها حين روت بصوت خافت: "رن على جوالي وطلب مني ما أجل عرسي ولو أيش ما صار".

المعروف عن سلام أنه كان شابًا يحب المزاح يحبه من حوله، في كل مرة حين يلتقي بزوجة أخيه عبد الكريم التي ستضع مولودها في الأيام المقبلة. كان يقول لها بأن الموجود في احشائها اسمه سلام. فيما تقابله برّدها أنه لن يحصل ذلك وهناك أسماء أجمل من اسمه.

 وفي اليوم التالي من إعلان خبر استشهاد سلام. جاء لها في المنام قائلًا لها: "قلت لك ستسمي سلام".

وتروي صفاء التي بان عليها التعب: "بستني أنه ربنا يكرمنا في الأيام الجاية بالمولود المنتظر، وراح اسميه سلام على اسم عمه البطل".

على ذلك صباحًا ودعت عائلة المدهون سلامًا وربما في المساء ستستقبل سلامًا آخر.

رفيق درب سلام الذي اكتفى باسم أبو إبراهيم حين علم باستشهاد سلام كان يجهز نفسه لمهمة فدائية في حال تقدم القوات (الإسرائيلية) إلى منطقة رباطه القريبة من تخوم القطاع، فحزن كثيرًا عليه .

يقول رفيق درب الشهيد: " كان سلام شهمًا ضحوكً يحبه الجميع. كان مثالًا للمجاهد الصنديد".

البث المباشر