مناورات عباس السياسية لن تُخرج السلطة من أزمتها

رئيس السلطة محمود عباس
رئيس السلطة محمود عباس

غزة - محمود فودة

مثّل بقاء نتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية ضربة قاصمة لآمال السلطة الفلسطينية التي عولّت كثيرًا على نتائج الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة، بتوقع تقدم المعسكر الصهيوني بقيادة هرتسوغ على خصمه نتنياهو، إلا أن الأخير حافظ على مكانه رئيسا لحكومة (إسرائيل) لولاية أخرى، ليدخل السلطة في أزمة سياسية خانقة قد تعتبر الأصعب منذ سنوات طويلة.

خيارات تكتيكية عدة متاحة بيد عباس حاليًا، تمثلت بالعودة للوراء بتفعيل ملف المصالحة الفلسطينية وترتيب أوراق البيت الفلسطينية، أو الهروب للأمام عبر الذهاب لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال، إلا أن بعض المراقبين وصفوا كل ما سبق وصفات ناجعة للانتحار السياسي.

الشريك الإسرائيلي للسلطة سدّ الباب في وجهها، فالاستيطان مستمر وسيبقى، والتأكيد الدائم على أن لا حل على أساس الدولتين، وأموال الضرائب في علم الغيب لا يُحكى عنها، لتضييق بذلك نافذة الفرص التي بإمكانها أن تعيد الحميمية بين السلطة و(إسرائيل).

وفي تقييمٍ لوضع السلطة الفلسطينية في الوقت الحالي، أجمع محللون سياسيون في أحاديث منفصلة لـ "الرسالة" على عمق الأزمة الحاصلة لدى السلطة بعد فوز نتنياهو، والحالة الصعبة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية في ضوء ذلك، فيما رأوا في المصالحة الفلسطينية أولى الخطوات التي قد تساعد في الخروج من المأزق السياسي الحالي.

فمن وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة، فإن تصريحات نتنياهو خلال الحملة الانتخابية بعدم الانسحاب من الضفة أو السماح بقيام دولة على حدود 67 كانت كافية لإقناع السلطة والمجتمع الدولي بأنه غير جاد في مساعي التسوية.

المصالحة أولى

وعن خيارات عباس في هذه المرحلة، بيّن أبو سعدة أن عباس في وضع لا يحسد عليه في وقت انحصرت فيه خياراته بين الاستمرار في المعركة القانونية والدولية بالانضمام لمؤسسات ووكالات أممية أخرى وتفعيل ملف المحكمة الجنايات، وتنفيذ قرار وقف التنسيق الأمني واتمام المصالحة.

وحول ملف المصالحة الذي قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المضي في تنفيذه خلال الفترة القادمة، وصف أبو سعدة ربطها بنتائج الانتخابات الاسرائيلية بـ "الأمر المؤسف"، إلا أنها نقطة مهمة تحتاج جهدًا وطنيًا في ظل غياب الإرادة السياسية الكافية لدى طرفي الأزمة.

واتفق المحلل السياسي فايز أبو شمالة مع سابقه على فشل عباس في رهانه الدائم على المفاوضات؛ في ظل استمرار وجود نتنياهو في الحكم، بينما رأى أبو شمالة بأن الحل الوحيد لعباس يتمثل بالعودة للشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة.

وأجمع المحللان على أن الخطوة الأولى التي يجب تنفيذها فورًا، تتمثل بوقف التنسيق الأمني بشكل كامل؛ لخطورته على القضية الفلسطينية في ظل عدم وجود شريك إسرائيلي وعجز المجتمع الدولي عن وقف السياسات العنصرية الإسرائيلية عبر استمرار التهويد والاستيطان.

وفي الأثناء، يغيب الدور العربي والاقليمي في إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية؛ لانشغال الدول الكبرى الحليفة للسلطة الفلسطينية كالسعودية ومصر والأردن في أزماتها الداخلية والخارجية وفق أبو سعدة.

وفي ظل صعوبة الموقف، قد تركن السلطة على دور دولي محتمل، إلا أن أبو سعدة قلل من أهمية الدور الأوروبي أو الأمريكي على وجه الخصوص؛ بناءً على أن ما جرى مؤخرًا بين أوباما ونتنياهو لا يرقى لاحتمالية أن تتخذ أمريكا موقفًا لصالح القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.

وفي تبرير ذلك، قال أبو سعدة إن أمريكا لديها أزمات دولية ذات أولوية تفوق الصراع العربي الاسرائيلي؛ ليبقى ما جرى لنتنياهو مجرد تلويح بالعقوبة لدفعه للكف عن تصريحاته بعدم قيام دولة فلسطينية، مستبعدًا أن تصل الجرأة في أمريكا على تمرير قرار لصالح فلسطين وإن حصل سيكون قرارًا "هزيلًا" كالذي سبق تقديمه منذ أشهر.

ولم يرّ أبو شمالة في خطوة عباس في التوجه لغزة لتنفيذ المصالحة إلا ورقة ضغط على (إسرائيل) لدفع نتنياهو لتغيير مساره في التعامل مع السلطة، فيما اعتبرها أبو سعدة خطوة ضعيفة لا تعبر عن إرادة سياسية حقيقية بل مناورات تكتيكية للضغط على الاحتلال لتغيير سياساته.

واتجه أبو شمالة للقول بأن الأمر ما عاد بيد عباس أو السلطة ككل، بل القرار أصبح بيد (إسرائيل) بصفتها صاحبة النفوذ في المنطقة وعليه ستستمر في سياساتها، إلا أنه طالب بتفعيل دور الشعب الفلسطيني والفصائل؛ لأن الأمر يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية، بينما أي مراوغة أو تكتيك سيضر بالقضية بشكل مباشر.

 

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من تقارير

البث المباشر