استجابة لشروط مسبقة

عباس يُغرق غزة بالأزمات قربانًا لترامب!

فايز أيوب الشيخ

بدأت المعلومات تتكشف رويداً رويداً عن بعض الأسباب التي دفعت رئيس السلطة محمود عباس إلى الهرولة في اتخاذ إجراءات تعسفية ضد قطاع غزة وما زال يتوعد بأكثر منها، فهي ليست وليدة الصدفة أو فردية من وحي أفكاره، وإنما استجابة لشروط مسبقة قرباناً للقائه المرتقب مع رئيس الإدارة الأمريكية الجديدة "دونالد ترامب" في البيت الأبيض.

فوفق صحيفة القدس المحلية نقلاً عن مراسلها في واشنطن، فإن الفريق الذي يسيره "جاريد كوشنر" صهر الرئيس الأميركي ويرأسه جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي للمفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي"، استكمل مسودة تتناول النقاط الرئيسة التي ستطالب الإدارة الأميركية الوفد الفلسطيني القبول بها لإظهار "حسن النوايا".

وتتناول المسودة التي سيتم تقديمها للرئيس الأميركي ترامب قبل نهاية هذا الأسبوع تسع نقاط من ضمنها: عودة الجانب الفلسطيني للمفاوضات مع (إسرائيل) بدون شروط مسبقة، والشراكة الفلسطينية الفعالة من خلال قوات أمن السلطة في محاربة ما وصفوه بـ "الإرهاب المحلي" في إشارة إلى(المقاومة وانتفاضة القدس).

كما تتضمن المسودة ضرورة توقف السلطة عن دفع رواتب لعائلات الشهداء والأسرى، والالتزام بوقف تحويل الأموال لقطاع غزة، وفي المقابل "تتمسك الإدارة الأميركية بمواصلة دعمها لفكرة دولتين لشعبين".

يشار إلى أن إدارة ترامب تراجعت عن موقفها الرافض لحل الدولتين بالمطلق، مبدية قبولها إضافة تعديلات على صيغة الحل "بما يتلاءم مع الوقائع على الأرض حالياً"، إلى جانب إلقاء القضية في إطار إقليمي أكبر وهو ما تسبب في الخلاف بين السلطة ومصر مؤخراً.

"الشيطان يكمن في التفاصيل"

وذكر الكاتب والمحلل السياسي يوسف رزقة، أنه مع البداية الفعلية لتولي "دونالد ترامب" الإدارة الأمريكية ولقائه برئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بدأت تتبلور الشروط على السلطة الفلسطينية التي سرعان ما استجابت لها، مشيراً إلى أن عشر سنوات تقريباً من عمر الانقسام لم تشهد مثل هذه الإجراءات والعقوبات القاسية والتهديدات التي أقدم عليها عباس ضد قطاع غزة والتي من ضمنها التضييق على الأموال ورواتب الموظفين وغيرها.

ويرى رزقة في حديثه لـ"الرسالة"، أن استجابة السلطة للشروط الإسرائيلية والأمريكية سبب كافِ للقول إن "غزة تُقدم قرباناً للقاء عباس مع ترامب"، متوقعاً أن تأجيل لقاء الطرفين في السابق لا يعود لأسباب فنية كما قيل، ولكن لأن ترامب يريد أن يرى من عباس لمسات العمل على أرض الواقع ويريد أن يرى غزة وحماس منهكة وراكعة في هذا الاتجاه.

وحول الموقف العربي من خطوات عباس واستجابته للشروط الأمريكية، فلم يستبعد رزقة أن تكون بعض الدول العربية التي اجتمعت في القمة العربية الأخيرة بالبحر الميت على اطلاع كامل بتفاصيل ما تريده أمريكا، مشيراً إلى أن هناك إغراء لهذه الدول دفعها إلى الاستجابة ويتمثل أهمها في الدفاع عن مصالحها ضد إيران، وبالتالي "هذه الدول التقت مصالحها مع ترمب لكن الأخير أراد أن يبتزهم من خلال القضية الفلسطينية".

 "صفقة القرن"

من ناحيته، ركز الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، على أن جوهر القضية الأساسية هو في أن حركة حماس وضعها صعب جداً، باعتبار أن أمريكا و(إسرائيل) تعتبراها حركة "إرهابية"، إضافة إلى أن الدول العربية المحسوبة على الرباعية الدولية بالرغم من أنها لا تُصنف حماس كحركة إرهابية لكنها لا تطمئن من ولائها لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة لديهم كـ"الإرهابية".

ويرى عوكل في حديثه لـ"الرسالة" أن حركة حماس في موقف لا تحسد عليه، حيث إنه ليس لديها أي حليف حقيقي في الوقت الراهن، معرباً عن اعتقاده بأنه حتى تركيا وقطر اللتان كانتا دائماً حاضرتين وتقدمان المساعدات لن تستطيعا التسهيل على حماس وإنقاذها لأنهما مضطرتان للسير في نفس السياسة الأمريكية والعربية، وفق تعبيره.

وأوضح أن الإدارة الأمريكية الحالية لديها أمل في قدرتها على تحقيق "صفقة القرن" التي فشلت فيها كل الإدارات السابقة وهي القضية الفلسطينية، حيث إن هذه الصفقة تحتاج إلى أن تُحمر أمريكا عينيها مع جميع الأطراف سواء الإسرائيلي والفلسطيني والعربي، مبيناً أن الطرف الأضعف هو الفلسطيني الذي تُوضع عليه الشروط ويُفرض عليه المجيء جاهزاً لكي يكون شريكًا في مؤتمر إقليمي يتم تقاسم فيه "الكعكة".

ولم يتردد عوكل في اعتبار أن جهوزية الطرف الفلسطيني معناها الدخول في "أوسلو جديدة" مرة أخرى، فواشنطن شروطها قاسية، ولا تقبل بعدم الاعتراف بـ"إسرائيل" وتلفظ العمل المسلح وما يتبعه من صواريخ وأنفاق وغيرها من وسائل الكفاح المسلح.

وذكر أن الاستحقاق بالنسبة لعباس، هو أن الأخير يعتبر هناك فرصة يجب ألا تضيع في الحصول على دولة ويكون العرب دافعين فيها بقوة، في وقت بدأ فيه الطرف الأمريكي يتعامل مع الطرف الفلسطيني بعد أن كان يتخذ منه مواقف سلبية.

وأضاف عوكل "على حركة حماس أن تجيب بنعم أو لا، وهذا معناه أن تنخرط في النظام السياسي الفلسطيني أو ترفض شكل هذه الدولة، وفي كل الحالات غزة لن تترك لوحدها، لأنه لا يمكن أن تجري أي مفاوضات وحلول بدون غزة". وتابع "المسألة تريد حسبة سياسية عاقلة تحاول إنقاذ الوضع وتقلل الخسائر، فالخسائر موجودة وأكيدة، ولكن السياسة يمكن أن تقلل الخسائر أو تضعفها".

يشار إلى أنه يستعد الوفد الفلسطيني برئاسة مسؤول دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات ومسؤول جهاز المخابرات ماجد فرج وآخرين للذهاب إلى واشنطن يوم الأحد المقبل، 23 نيسان 2017، للبدء بلقاءات مكثفة مع فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتباراً من الاثنين 24 نيسان، تحضيراً لزيارة عباس لواشنطن ولقائه الرئيس ترامب بالبيت الأبيض.

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من تقارير

البث المباشر