مكتوب: "الدولار المهترئ" أزمة جديدة تطفو على سطح القطاع المصرفي

الدولار
الدولار

الرسالة نت - أحمد أبو قمر

رغم أنه استلمها من البنك، لم يجد الموظف عائد جبر مصرفا يقبل بشراء المئة دولار التي بحوزته، بحجة أنها قديمة وعليها بقع صفراء.

وبعد معاناة مع الصرافين، قبل أحدهم بشرائها بسعر أقل بـ 20 شيكلا من سعر صرفها، ليخسر الموظف 6% من قيمتها دون وجه حق.

في حين رفض موظف البنك، تبديل مئة دولار قديمة ويظهر عليها بقع صفراء للموظف محمود شاهين، ليقول له الموظف: "كلها زي هيك، ما في عملة جديدة".

يشهد قطاع غزة حالة نادرة للغاية قد لا تجدها في أي دولة أخرى وهو وجود تسعير مختلف لنفس العملة عند شركات الصرافة، حيث تنتشر ظاهرة ما يسمى بالدولار الأزرق "الجديد"، والدولار الأبيض "القديم المهترئ" في الأسواق، ويتم تسعير الدولار الأبيض بسعر أقل من الدولار الأزرق.

سبب المشكلة

وتكمن المشكلة في أن أغلب الدول تتمكن من استبدال الدولار القديم بالجديد، وهي عملية تسير بسهولة من خلال البنوك التي بدورها تشحن النقد عبر قنوات مصرفية ليصل بالنهاية إلى الفيدرالي الأمريكي، ويقوم الفيدرالي الأمريكي بإعدام الطبعة القديمة وطباعة حجما مشابها من الطبعة الجديدة الزرقاء.

وعن سبب التسمية المحلية، والتي لا نجدها خارج قطاع غزة، فإن الدولار والذي على مدار السنين حمل اسم "الأخضر" في معظم الدول، شهد العديد من الطبعات المختلفة التي يحاول فيها الفيدرالي الأمريكي تغيير معايير مكافحة التزوير لتختلف الطبعات على مر السنين والتي كانت في معظمها تستخدم ورقا يميل إلى اللون الأخضر الباهت.

ولكن في أبريل عام 2010 تم الاعلان عن تصميم جديد وورقة جديدة لفئة المئة دولار أمريكي لتدخل في التداول الرسمي في أكتوبر عام 2013 ولتحمل اختلافا باللون ليكون مائلا بشكل كبير للون الأزرق بالإضافة إلى اختلافات في الشريط المستخدم لكشف التزوير.

بدوره، قال الخبير المالي الدولي الحسن بكر إن الوضع المالي في قطاع غزة، مختلف عن العالم الخارجي قليلا بسبب الحصار المفروض على القطاع.

وقال بكر: "لم يعد بإمكان البنوك نقل النقد، وتحتاج عملية النقل إلى مفاوضات طويلة ما بين سلطة النقد الفلسطينية والبنك المركزي الاسرائيلي لتتم العملية والتي اقتصرت فعليا على نقل العملة الاسرائيلية الشيكل في حالات محدودة وادخال مبالغ من الدولار بناء على تفاهمات مع وكالة الغوث لصرف رواتب موظفيها في غزة".

وأوضح أن المشكلة تتمثل في عدم قدرة البنوك على نقل النقد التالف أو القديم، والذي يتسبب في بقاء كميات كبيرة من الدولار التالف والمتآكل بفعل تعرضه للمياه، أو اللون البني نتيجة الاكتناز.

وأضاف بكر: "مع دخول مبالغ من الدولار الأزرق الجديد إلى الأسواق باتت الثقة لدى المتعاملين والبنوك أكبر بالطبعة الزرقاء، التي قلّت فيها عمليات التزوير وبالتالي أصبح المتعاملون يفضلون التعامل بالنسخة الجديدة من الدولار بدلا من التداول بالنسخة القديمة ذات اللون الأخضر الباهت والتي أطلق عليها محليا اسم (الدولار الأبيض)".

ولفت إلى أنه مع ظهور الطبعة الجديدة، بدأت شركات الصرافة بوضع تسعيرة مختلفة لعملية التبديل، حين يكون الأمر متعلق بالتبديل النقدي وفرق في التسعير للدولار الأزرق عن الدولار الأبيض، حيث نرى التسعير يتم بزيادة شيكل وأكثر في بعض الاحيان عن الدولار الأبيض القديم".

وفي ذكره لمشاكل القطاع المصرفي في غزة، قال بكر: "هناك العديد من المشاكل الأخرى التي يواجهها القطاع المصرفي والمالي في قطاع غزة نتيجة الحصار وتعنت الاحتلال الاسرائيلي في نقل النقد والتي تتمثل بنقص السيولة في الأسواق مما يجعل الأسعار المحلية في الكثير من الأحيان أعلى أو أقل من الأسعار الرسمية ما بين البنوك".

وأشار إلى أن مثل الأمور سابقة الذكر تتسبب في خسائر لدى الكثير من التجار، خاصة في ظل لجوء البنوك على وضع عمولات على عمليات الايداع المصرفي سعيا لتشجيع التجار على عدم ايداع النقد واللجوء إلى المعاملات ما بين الحسابات حتى لا تضطر البنوك في النهاية إلى تكديس فوائض بالعملات النقدية في خزناتها دون القدرة على ترحيلها إلى بنوك خارجية للاستفادة من الأرباح التي يمكن تحقيقها من استثمار هذه الفوائض.

الصراف أبو فهد حمدونة ذكر أن ارتفاع تسعيرة الدولار الجديد "الأزرق"، عن القديم "الأبيض" بسبب أن الدولار الأبيض الذي عليه بُقع ومهترئ يسهل تزويره، وكثير منها لم يعد مقبولا كوسيلة دفع مما أدى إلى تبديل هذه العملات بخصم بسعر أقل من سعرها الفعلي في السوق.

وقال حمدونة إن الخصم يتراوح من (1-30) شيكل، وفق ما يرتئيه الصراف ويقدر نسبة اهتراء الورقة النقدية، فالورقة شديدة الاهتراء تخسر 30 شيكلا بخسارة تقدر بـ 8% من قيمتها.

وتجدر الإشارة إلى أن قطاع غزة، بيئة نشيطة بتبديل العملات في ظل اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على ثلاث عملات رئيسية "دولار، شيكل، دينار".

البث المباشر