مكتوب: تصريحات قيادات السلطة حول عقوبات غزة... "المية تُكذّب الغطاس"

خلال اجتماع سابق
خلال اجتماع سابق

غزة- محمد عطا الله

خلافا للتصريحات المعسولة؛ فإن قيادة السلطة تُصر على إبقاء العقوبات مفروضة على قطاع غزة، ضاربة بعرض الحائط كل المطالبات الفصائلية والنداءات الوطنية وحتى قرار المجلس الوطني الفلسطيني الذي عُقد قبل شهر وأوصى بضرورة رفع العقوبات عن غزة.

وتعكس تلك التصريحات المكذوبة حالة التردي السياسي والهبوط الأخلاقي، الذي باتت تدلل على أن هذا التوجه له أبعاد خطيرة تهدف إلى تدمير القضية الفلسطينية والإبقاء على حالة الانقسام الفلسطيني.

ورغم سيل الحديث عن التخفيف على قطاع غزة والذي كان آخره تصريحات أمين سر اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير صائب عريقات، إلا أن صرف السلطة لـ 50% من رواتب موظفيها بغزة قبل أيام وإبقائها على العقوبات ضد القطاع يكذب حديث رجل المفاوضات وغيره من قيادات المقاطعة.

وكان المجلس الوطني الفلسطيني قد أوصى في انعقاده الأخير بضرورة رفع العقوبات عن قطاع غزة واعتماد خطة إنقاذ وطنية شامله له، وذلك وفق مذكرة تقدمها بها مئات المشاركين في جلسة المجلس.

احتمالان

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن الإبقاء على قرار العقوبات وعدم رفعها رغم كم المطالبة الوطنية بذلك، تدلل على أن هذا القرار متعلق بشخص رئيس السلطة محمود عباس؛ كون أن جل قيادات السلطة تحاول التهرب من الأمر ونفيه عن نفسها.

ويؤكد الدجني خلال حديثه لـ "الرسالة" أن إبقاء العقوبات على غزة يعكس احتمالين لا ثالث لها، يتمثل أولهما في أن عباس يعمل ضمن مزاجه الشخصي في التعامل مع قضايا قطاع غزة.

ويضيف أن الاحتمال الآخر والأرجح وجود أطراف دولية محددة تضغط على عباس بقوة لتمرير صفقة القرن أو شيء سياسي ما، لاسيما وأن هذه العقوبات تساهم في تدجين الفلسطيني وتدفعه للقبول في أي حلول في ظل الواقع الصعب الذي يعيشه بالقطاع نتيجة العقوبات.

ويوضح أن قرار صرف 50% من رواتب الموظفين في القطاع التي ستذهب جلها للبنوك خاصة وأن أغلب الموظفين مقترضون، على خلاف الضفة التي تلقى الموظفون فيها 100% من الراتب يدلل على أننا أمام مسألة غير أخلاقية وذات بعد خطير سياسيا؛ لأن هناك قرارا من المجلس الوطني بضرورة رفع العقوبات.

وحول تصريحات قادة الاحتلال التي تطالب السلطة برفع إجراءاتها العقابية عن قطاع غزة، فإن الكاتب الدجني يرى أن الاحتلال يحاول لعب لعبة قذرة من خلال زيادة الشرخ في الشارع الفلسطيني واللعب على العامل النفسي وهو ما يؤثر ويساهم في انتقال الانقسام من جغرافي وسياسي إلى نفسي وهذا تمهيد لبداية الانفصال.

انفصال واستفراد

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون مع سابقه، مؤكدا أن السلطة بقرارتها تدفع باتجاه فصل القطاع عن الضفة والاستفراد في غزة وزيادة معاناتها، ودفع الأخيرة لاتخاذ قرارات أحادية ربما تتماشى مع حالة الانفصال، على حد قوله.

ويشير المدهون لـ "الرسالة" إلى أن السلطة لا تملك قرار التعامل مع قطاع غزة، وإبقاء العقوبات يكشف توجهاتها المتماشية مع الاحتلال في الحفاظ حالة الانفصال بين الضفة والقطاع ويجعلها –أي السلطة-أداء وواجهة غير قادرة على اتخاذ أي قرار.

ويلفت إلى أن السلطة فقدت القدرة على تحديد سياستها، كما اعترف صائب عريقات، وهذه السياسات مرهونة في الاحتلال الإسرائيلي، فيما تبقى الهياكل الإدارية للسلطة شكلية لا قدرة لها على اتخاذ القرار بما فيها منصب رئيس السلطة.

وفي نهاية المطاف فإن السلطة تحدد بنفسها إما أن تبقي يد الاحتلال وأطراف دولية تريد كسر شوكة المقاومة بغزة وتمرير صفقة ما، أو تنفض غبار التخاذل عن نفسها وتتخذ قرارات وطنية وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن.

البث المباشر