مقال: مسيرات العودة بطولات أثمرت بالخير الأكيد

جانب من مسيرات العودة في غزة
جانب من مسيرات العودة في غزة

كنت منتظراً بل متوقعاً ومتفائلاً بأن أكتب هذا المقال الذي أذكر من خلاله الانتصارات المشرفة لشعبنا الفلسطيني الذي خاضها في مسيرات العودة والداخل المحتل بمقاومته وصبره وصموده وكسر جبروت الاحتلال الصهيوني وإنهاك أعتى ترسانة أسلحة في العالم , حيث أرغمته على الرضوخ لمطالب شعبنا المُحاصَر .

مسيرات العودة أثبتت مدى تمسك شعبنا البطل بقضيته وحقوقه الثابتة , وهي ما انطلقت إلا من أجل مفهوم العودة لأراضينا المحتلة وتأكيداً للرواية الفلسطينية على إثبات حقه والعودة لأراضيه المحتلة , وعدم قبوله بالعيش تحت الحصار المفروض عليه منذ أكثر من إثنى عشر عاماً , فما جرى وما يجري حاليا من حلقات الصمود والتحدي والتصعيد والصراع مع الاحتلال الصهيوني هي أولى مراحل معركة التحرير التي توجت بالانتصار المؤزر على الاحتلال وأعوانه المنهزمين والمنبطحين , ومن ثم العودة إلى أحضان الوطن وعاصمتنا القدس الشريف .

لا شك أن الإنجازات والتسهيلات والمشاريع التي أُعلن عنها مؤخراً هي أولى ثمار الانتصار التي توج بالجهود والتضحيات المبدعة الكبيرة التي قدمها شعبنا الفلسطيني المبدع في مواجهة الاحتلال الصهيوني وأعوانه لكسر الحصار الخانق والظالم المفروض عليه , فذلك مطلباً وطنيا وحق من حقوق شعبنا لدعم صموده وإصراره على حقه في العيش بحياة كريمة , ورفضه الإذلال سيما أن مسيراته وتضحياته تشكل الحاضنة الآمنة للمقاومة أمام جرائم الاحتلال وجبروته .

لكن المتأمِل في ذلك يرى أن هذه التسهيلات ليست كل الطموح الذي يسعى إليه شعبنا الصابر , إنما تُعد أولى ثمار تضحياته عبر مسيراته المباركة , ونرجو أن تكون هنالك خطوات أخرى واسعة لكسر الحصار نهائياً , فشعبنا لم ينقطع حبل آماله ورجاءه يوماً , ولم تخبو عزائمه في غمرة المحن والآلام والمعاناة التي أنتجها الحصار على مدار السنوات الإثنى عشر الماضية التي ذاق خلالها من الآلام والأحزان والبلاء ما يستعصي على الوصف والبيان .

إن تفاهمات التهدئة التي أبرمت عام 2014 كان المفروض أن تُنِتج ما يرجوه شعبنا من كسر للحصار الخانق الذي يعيشه شعب غزة , لكن الاحتلال وأعوانه ومساعديه ماطلوا خلال السنوات الأربع الماضية , فكان مقابل ذلك أنهم أدركوا وفهموا رسالة شعبنا المقاوم الذي لا يقبل التهدئة مقابل التهدئة فقط , فمفهوم التهدئة التي يريدها شعبنا الثائر المُضَحي هو أن لا تكون التهدئة فقط مقابل ثمن سياسي ولا على حساب حقوقنا الوطنية الفلسطينية بل تكون مدخلاً من مداخل تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة .

في كل مرحلة ومع كل جولة من الجولات التي تشتد فيها حلقات الحصار والتآمر والعدوان على غزة كان ولا يزال شعبنا الصابر والصامد بمقاومته الباسلة التي ترتقي إلى ذات المستوى بالتحدي والتصدي لكل المؤامرات البربرية , فينتصر على العدوان وأعوانه بإيمانه ويقينه , فيكتب له التاريخ صناعة البطولات والإبداعات المذهلة التي يشهد لها العالم بعزيمة الرجال والنساء والأطفال والشيوخ الذين تحدوا السدود والحدود الوهمية والأسلاك الشائكة الزائلة بصدورهم العارية , فيقتحموها بأجسادهم الطاهرة وعزائمهم وعدالة قضيتهم .

حقاً أن مسيرات العودة الكبرى هي صمود وتصعيد وبطولة أثمرت وبدأت تؤتي أُكلها بما يعود على شعبنا بالخير الأكيد , فتضحيات شعبنا العربي الفلسطيني حصدت وستحصد ما زرعته الأرواح وسقته الدماء الغالية العزيزة في ميادين العز والمجد وساحات البطولة والجهاد والفداء , وسيرى شعبنا قريباً إن شاء الله الكثير من المكاسب والانتصارات والانجازات الأخرى خلال الفترة القريبة المقبلة ما يسر النفوس وما ترتاح له القلوب وما تقر به العيون , الأمر الذي يخفف من آلامه وأحزانه ومعاناته ويزيل عنه آثار وقيود الحصار الخانق والظالم .

                                        

البث المباشر