قائمة الموقع

"إسرائيل" لم ترحم أجنّة غزة في بطون أمهاتهم

2014-09-23T09:02:16+03:00
شهيد من أجنّة غزة
الرسالة نت- محمد الشيخ

يبدو أن الأيام الـ 51 من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كانت مشهدا مصغرا مما كتب الله في اللوح المحفوظ ليوم البعث. فآلة الحرب الإسرائيلية لم ترحم حتى الأجنة في بطون أمهاتهم، وتجلى ذلك بقوله تعالى: "يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها".

"أم بكر" واحدة من سيدات غزة اللاتي فقدن أجنتهن في أرحامهن خلال العدوان الأخير على قطاع غزة. وبالعودة إلى الماضي قليلا لنستذكر تفاصيل حادثة إجهاض "أم بكر". لم تكن تعلم آنذاك (اليوم الـ 20 من العدوان) أنها على موعد مع أصعب مشهد في حياتها.

في بادئ الأمر ظنّت الثلاثينية أنه مجرد ألم بسيط في بطنها سيزول مع الوقت، وسببه حسب اعتقادها كثرة الحركة والتنقل من منزلها الذي يقع في بيت حانون شمال قطاع غزةـ واللجوء منه إلى مراكز الإيواء "التعيسة".

حركة الجنين -ذو الشهور الخمسة- جعلت الأم تطمئن وتُهمل الذهاب إلى المستشفى لإجراء الكشف الطبي لأن الوضع لا يسمح في حينه. لكن فجأة ازداد الألم وانقطعت حركة الجنين، الأمر الذي شكَّل قلقا لديها.

ما حدث جعلها ترتبك، ودفعها للطلب من زوجها الذهاب إلى المستشفى للاطمئنان على الطفل الموعود. صعوبة الحركة والتنقل جعلتهم يطلبون الاسعاف لنقل الأم إلى المستشفى.

وصلت. وبعد اجراء فحص سريع لها كانت الصاعقة، بكلمات الدكتور "الله يعوضكم خير، الطفل توفى داخل الرحم، وبحاجة لإجراء عملية إجهاض فورا لإنزال الجنين".

حالة "أم بكر" لم تكن الوحيدة خلال الحرب، وتعدى الاجهاض بحالات ولادة مبكرة لبعض الأمهات بسبب ظروف الحرب المختلفة.

الشابة "فرح" أنجبت طفلها بعد سبعة أشهر من الحمل فقط، والسبب وفق ما أبلغها المختصون "كثرة تنقلها خلال الحرب واهتزازات الانفجارات، واستنشاقها الغازات السامة"، ولكن الله سلّم الأم وجنينها بأن ولد في صحة جيدة.

الأم عانت من ارهاق وتعب شديدين في آخر أيام حملها ما دفعها للتوجه إلى المستشفى لتلقي العلاج، ولم يكن في حسبانها أنها ستلد ابنها "السبعاوي" في حينه.

والإجهاض هو: فقدان حياة الطفل داخل الرحم من مجرد حمل المرأة حتى 20 أسبوعا، وما بعد العشرين تسمى الحالة "وفاة جنين داخل الرحم"، هكذا عرّفه الحكيم زياد عبد الجواد رئيس قسم العمليات في مستشفى الخدمة العامة ومناوب في قسم النساء والولادة بمجمع الشفاء الطبي.

ويبين عبد الجواد أنه قبل الحروب السابقة كانت معدلات الاجهاض مقبولة جدا، ولكن منذ حرب 2008 وبعد ثلاثة حروب "إسرائيلية" زاد الاجهاض وحالات الوفاة للأجنة بشكل ملحوظ خاصة بعد استخدام الفسفور والقنابل الغازية في تلك الحرب.

وكانت تجرى عمليات الاجهاض سابقا في قسم الاستقبال بمستشفى الشفاء لسهولة وسرعة تنظيف الرحم في حينه دون مشاكل، ولكن منذ 5 أعوام اتخذت وزارة الصحة قرارا بتحويل جميع حالات الاجهاض للعمليات وتجرى تحت تخدير كامل للحامل.

5 حالات يوميا

واستشهد عبد الجواد على حالة جاءته خلال الحرب الأخيرة. عمر الجنين كان 32 أسبوعا ولا يوجد به أي تشوهات وحالة الأم جيدة ولم تكن نعاني من أي أمراض عضوية أو إصابة مباشرة لكنه توفى، مرجعا سبب وفاة الجنين إلى التوتر النفسي والصدمات العصبية، والقاء الاحتلال للغازات السامة ومخلفات الحرب.

ووفق عبد الجواد فإنه خلال الحرب على غزة كانت معدلات الاجهاض لا تقل عن 5 حالات يوميا

ويرجع عبد الجواد حالات الاجهاض للغازات والمواد الكيماوية والقنابل الفسفورية التي كان يلقيها الاحتلال بالإضافة إلى الاصابات غير المباشرة من حالات اهتزاز المرأة أو الارتجاجات من القصف التي تؤثر على الحامل، لافتا إلى أن الغازات ممكن أن تسبب مشاكل جينية للمرأة وقد تظهر آثارها بعد فترة من الزمن.

ونبه في الوقت ذاته إلى أن تأثير الحروب لا يقتصر على النساء الحوامل فحسب، بل على الرجال أيضا خاصة بعد حرب 2008 ، حيث أصبحت حالات العقم كثيرة مقارنة بما قبل ذلك.

دكتورة النساء والتوليد ليلى تمراز، بدروها أكدت حسب متابعتها أن حالات الاجهاض والولادة المبكرة لدى بعض السيدات زادت بشكل ملحوظ بعد الحرب.

وتشير تمراز إلى أن حالات تعب وارهاق شديدة تصيب الحوامل، نتيجة القلق والخوف والعوامل النفسية والاضرابات الجسدية، كذلك ظهور بعض المشاكل على المواليد أصبحت ملحوظة بعد الحرب.

وفي ظل الظروف الراهنة يجب متابعة النساء للحمل في المستشفى والطبيب الخاص ولا تأخذ على عاتقها أي شيء إلا من خلال طبيب أخصائي.

إذن هذه "إسرائيل" كما عهدناها مجرمة، منتهكة لكل الحقوق والقوانين والاعراف الدولية، لم ترحم الأجنة في بطون أمهاتهم، ولكن لسان حالهن يقول سنظل ننجب وننجب حتى ننتصر.

 (عدسة: محمد عطالله )

اخبار ذات صلة