قائد الطوفان قائد الطوفان

وصفت خطابه بالاستفزازي

عباس يتجرأ.. وأمريكا ترفض خطته باكرًا

عباس واوباما خلال اجتماع (صورة ارشيفية)
عباس واوباما خلال اجتماع (صورة ارشيفية)

غزة- شيماء مرزوق

استبقت الولايات المتحدة الامريكية "مفاجئات" رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بموقف حاد ورافض لما أسمته "خطوات وإجراءات أحادية الجانب" في إشارة إلى خطة عباس وضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال.

الموقف الأمريكي شكّل ضربة لجهود السلطة الرامية للتوصل إلى اتفاق سلام بأسرع وقت ممكن وعودة للمفاوضات مرتبطة بجدول زمني للحديث عن ترسيم الحدود والقضايا النهائية, إلا أن (إسرائيل) تبدو أنها ليست في عجلة من أمرها لاستئناف المفاوضات، وتضع أمام عباس اختبار فرض سيطرته على قطاع غزة ونزع سلاح فصائل المقاومة باعتباره أولوية (إسرائيلية), كما قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو أثناء اجتماعه بالجنرال الأميركي جون الن، الذي زار (إسرائيل) مبعوثا من كيري مطلع الشهر الجاري.

إجراءات أحادية

خطاب أبو مازن أمام الأمم المتحدة رأى مراقبون أنه يحمل توجه سياسي جديد ويستثني المفاوضات مع (إسرائيل), لكن السؤال يبقى هل يصمد الرئيس أمام الضغوط (الإسرائيلية) والدولية خاصة من الولايات المتحدة التي تبدو منشغلة بالوضع في سوريا والعراق وحربها ضد "داعش" وترغب في تهدئة الوضع على الجبهة الفلسطينية (الإسرائيلية) لكن عبر المفاوضات فقط.

ما جاء في خطاب عباس ليس بجديد فقد أبلغ به جميع الأطراف المعنية وخاصة أميركا, التي أبلغ وزير خارجيتها جون كيري الوفد الفلسطيني أن بند بحث ملف ترسيم الحدود سيعرض على (إسرائيل) في انتظار موقفها، أما بخصوص التوجه الى مجلس الامن او طلب عضوية المؤسسات الدولية، فإن إدارة بلاده ترفضه وستتصدى له باعتباره إجراءً أحاديًا.

ما يعني فعليًا ضرب خطواته والضغط عليه للعودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة او إلزام للاحتلال بتعهداته.

وتقوم خطة أبو مازن على إنه في حال رفض الجانب (الإسرائيلي) استئناف المفاوضات لمدة ثلاثة أشهر لترسيم الحدود بين دولتي فلسطين و(إسرائيل) والشروع في التفاوض على باقي الملفات الأخرى كالقدس واللاجئين، وإنهاء الاحتلال خلال مدة لا تتجاوز السنوات الثلاث، فإن القيادة الفلسطينية ستتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لمطالبته بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة والعمل على إنهاء احتلالها وفق جدول زمني واضح.

 وفي حال جوبه هذا الطلب بـ"الفيتو" الأمريكي فإن الخيار الثالث سيكون التقدم بطلب العضوية في جميع المؤسسات والهيئات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية.

لفت الانظار

كبير المحللين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، كتب يقول "بعد وصول المفاوضات (الإسرائيلية) - الفلسطينية، التي انتهت في نيسان الماضي، إلى طريق مسدود فإنه لم يتبق أمام عباس سوى إمكانيتين: "السماح باستئناف المقاومة وهو ما يرفضه جملة وتفصيلا؛ والإمكانية الثانية هي بشن حملة دبلوماسية ضد (إسرائيل)، بواسطة مؤسسات الأمم المتحدة، رغم استياء الأميركيين وهذا ما يفعله الآن".

واعتبر برنياع أنه توجد ثلاثة أهداف لخطوة عباس: "محاولة فرض تسوية لا تريدها حكومة (إسرائيل) من خلال عقوبات دولية؛ والهدف الثاني، في حال فشل الأول، هو معاقبة (إسرائيل) على الأقل بواسطة إضعافها في الحلبة الدولية؛ والهدف الثالث، أن يثبت للشارع الفلسطيني أنه ليس حماس فقط مَن تحارب (إسرائيل)، وأنه هو أيضا يحاربها بطريقته, وقد تزايدت لديه الحاجة إلى ذلك بسبب القدرة القتالية التي أظهرتها حماس طوال العملية العسكرية في غزة".

ويبدو أن عباس اختار أن يجابه (إسرائيل) دبلوماسيا في الوقت الراهن خاصة وأنه يدرك أن العالم كله منشغل بمحاربة داعش, والقضية الفلسطينية لا توجد في مراتب متقدمة على أجندة الإدارة الامريكية, وبالتالي فانه يجد في الحرب الناعمة وسيلة للفت الانظار, لكنه يتجنب إغضاب أمريكا بعدم الذهاب الى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال حتى الان.

ورغم ذلك فقد شنت الادارة الامريكية هجومًا على عباس عقب خطابه في الأمم المتحدة, حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جنيفر ساكي: إن الخطاب تضمن (توصيفات مهينة، مخيبة للآمال واستفزازات مرفوضة)، وان واشنطن ترفض تصريحات عباس بشان انهاء الاحتلال., كما اعتبرت ان ما ورد في الخطاب يمكن ان يجهض الجهود الهادفة لخلق مناخ ايجابي والى اعادة الثقة بين الأطراف).

وتشير الترجيحات إلى أن خطاب عباس لن يكون له تأثير كبير على سياسات الولايات المتحدة  اتجاه القضية الفلسطينية رغم الغضب الاميركي على خطابه, حيث ان الازمات الاقليمية تشغل الادارة الامريكية.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنتنياهو خلال الأيام القليلة المقبلة إلا أن حديثهما سيتركز على الأرجح حول سوريا وإيران وربما إعادة إعمار قطاع غزة أكثر من تركيزه على أي جهود للسلام على المدى القريب, ما يعني أن التسوية ستبقى معلقة.

وهنا تتزايد التوقعات بأن ابو مازن يحاول أن يجعل من الأمم المتحدة الوسيط الجديد بدلا من أمريكا المنحازة بالكامل للاحتلال, إلا أن الهيمنة الأمريكية على الامم المتحدة تعني ان القضية الفلسطينية لن تبتعد عن ذات الدائرة.

البث المباشر