غزة-الرسالة نت
اعترفت مصادر في سلطة فتح في رام الله لصحيفة جيروزاليم بوست، أن حكومتهم في الضفة الغربية طردت خلال العامين الماضيين مئات المدرسين والأئمة، بسبب انتمائهم وتأييدهم لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وأوضحت المصادر أن هذا الطرد يأتي في سياق الجهود التي تبذلها سلطة فتح لمنع حماس من السيطرة على الضفة الغربية.
وكان المدرسون والأئمة المفصولون قد هددوا باتخاذ إجراءات قانونية ضد حكومة فتح في رام الله، على أساس أن فصلهم كان بسبب دوافع سياسية.
وفي تطور آخر، فقد بدأت المحاكم العسكرية التابعة لسلطة فتح، بالحُكم على نشطاء حماس بالسجن لفترات مختلفة، حيث وُجِّهت عدة انتقادات للسلطة بسبب اعتقال المئات من نشطاء ومناصري حماس وإبقائهم في السجن دون محاكمة.
وتمثلت إحدى الحالات، في أن محكمة الخليل حكمت على الناشط في حماس "محمد فتفتح" بالسجن لمدة 34 شهرا، والذي كان قد اعتُقِل على يد قوات سلطة فتح في الضفة الغربية بعد أن أُطلِق سراحه بوقت قصير من السجون الإسرائيلية.
ويعتبر "فتفتح" حالةً من عدة حالات من أفراد حماس، الذي اعتُقِلوا على يد أجهزة فتح، فور الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية.
كما واعتقلت أجهزة فتح في الخليل، يوم الأحد الماضي، الشيخ "زيد الجُندي" –إمام مسجد-، والطالب الجامعي "وجدي أبو سنينة"، والذين قضيا فترة من الزمن في السجون الإسرائيلية بسبب انتمائهم لحركة حماس.
كما اعتقلت الأجهزة اثنين آخرين من نشطاء حماس في الخليل، بعد وقت قصير من الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية، وهم "عبد الفتاح جريوي" و"مأمون النتشة".
وذكر المصدر للصحيفة الإسرائيلية، بأن القمع لمعلمي المدارس والأئمة، يهدف إلى تقويض نفوذ الحركة الإسلامية وحرمانها من تمديد سيطرتها إلى ما بعد قطاع غزة.
وأفاد بأن السلطة أرادت التأكد بأن المدارس والمساجد في الضفة الغربية، لا تُستخدم كمنابر للأنشطة السياسية لصالح حماس أو لمجموعات إسلامية متطرفة أخرى.
وقال: "قررنا بأن نقاتل ضد التحريض والأنشطة السياسية في المساجد والمدارس، وهذا جزء من التزاماتنا بشروط خارطة الطريق".
وأشار مصدر آخر إلى أن حوالي 1000 مدرس وأكثر من 300 إمام، قد فقدوا وظيفتهم منذ بداية تضييق الخناق على حماس في الضفة الغربية، مُعترفا بأنه ليس كل من يتم طرد له علاقة بحماس.
وأضاف "تم طرد العديد منهم بسبب رفضه دعم فتح والسلطة، وآخرون طُردوا لأنهم أصبحوا متدينين جدا، ونحن نخاف من أن ينضموا في أحد الأيام لحركة حماس".
ولفت إلى أن وزارة التربية والتعليم في سلطة فتح طردت الأسبوع الماضي، "هديل مفارجه" من المدرسة التي كانت تُدَّرس فيها بقرية "بيتونيا" غرب رام الله، وذلك بعد أسبوعين فقط من تعيينها، موضحا أن سبب طردها كان لأنها حافظة للقرآن الكريم، مؤكدا على أنه ليس لها علاقة بحماس أو أي فصيل آخر.
وقال مدرسون آخرون تم طردهم، بأنهم طُردوا نتيجة رفضهم العمل كمخبرين لمختلف أجهزة فتح في الضفة .
وقال أحد مدرسي اللغة الإنجليزية في رام الله لصحيفة JPost: "تم استدعائي صباح يوم ما لمقر مركز المخابرات العامة في رام الله، وطلبوا مني أن أعمل معهم جاسوسا على زملائي، ولكني عندما رفضت العرض طردوني من المدرسة".
وأضاف –وهو أب لـ3 أطفال- "أنا لا أنتمي لأي فصيل فلسطيني، وطردوني فقط لأني رفضت العمل كمخبر لهم، وهذه هي نفس التقنيات التي كانت تستخدمها إسرائيل في ذلك الوقت".
وأوضح أنه تم طرد بعض المدرسين بسبب أن بعض أقربائهم يُشتبه بأنهم أعضاء في حماس، مضيفا "لقد تم طرد مُدرِّسة من بين لحم بعد عمل دام لـ6 سنوات، وذلك لأن زوجها تم اعتقاله من قِبَل أجهزة فتح بتهمة الانتساب لحركة حماس".
وقال مدرس آخر يبلغ من العمر 38 عاما –من مدينة نابلس-، وقد طُرِد من عمله عام 2008: "إن رئيس وزراء فتح سلام فياض يُحاربنا في لقمة عيشنا، والأبرياء هم من يدفعون الثمن".
ونوهت الصحيفة إلى أن مندوبي المعلمين المطرودين كتبوا مؤخرا لعدد من منظمات حقوق الإنسان، يطالبون بدعم قضيتهم، لكن دون فائدة، وقد كتبوا رسالة لرئيس الوزراء الفلسطيني في قطاع غزة "إسماعيل هنية" يطالبونه بالاهتمام بقضيتهم في محادثات المصالحة بين حركتي حماس وفتح.
وزعم أحد المسئولين في وزارة التربية والتعليم في الضفة الغربية، أن طرد المدرسين اتُخِذ من قِبَل ضُباط في الأمن الفلسطيني وليس من الوزارة.
وقال للصحيفة: "نحن نعمل بناء على تعليمات الأجهزة الأمنية، ولا نوجه الأسئلة عندما يتعلق الأمر بالمسائل الأمنية".
وكشفت الصحيفة، أن وزير الأوقاف في رام الله "محمود الهباش" يترأس قمع المساجد في الضفة الغربية، منوهة إلى أنه كان يسكن في غزة، وكان ينتمي لحركة حماس سابقا، إلى أن طردته الحركة بسبب فساده المالي والأخلاقي.
وأشارت إلى أن الهباش طرد في العامين الأخيرين أكثر من 300 إمام، يُشتَبه في انتمائهم لحركة حماس، أو أنهم ألقوا خطباً نارية أثناء صلاة الجمعة.
وذكرت بأن الوزارة منعت أيضا الأئمة والشخصيات الدينية من استخدام المساجد، لإعطاء محاضرات خاصة عن الإسلام والشريعة، لافتة إلى أن بعض الأئمة والطلاب الذين شاركوا في مثل هذه الحلقات العلمية وجدوا أنفسهم بلا عمل أو خلف القضبان.
وكان إمام المسجد "مجد البرغوثي" من رام الله، قُتِل في سجون سلطة فتح العام الماضي، حيث أكدت عائلته على أنه عُذِّب حتى الموت.
وقالت الصحيفة، إن الوزارة والتي تسيطر على أكثر من 800 مسجد في الضفة، فرضت قيودا صارمة على إلقاء خطب الجمعة، وتُطالب جميع الوعاظ بأن يحصلوا على مصادقة مقدمة لإلقاء خطبهم، بهدف التأكد من أنها لا تحتوي على خطابات نارية أو تحريضية ضد سلطتهم.
ونقلت الصحيفة عن أحد أئمة طولكرم، والذي طُرد قبل 7 أشهر، قوله: "فياض لا يستطيع أن يُغلق المساجد ليتخلص من جميع الوعاظ الذين يرفضون دعم سلطته، أو الذين ينتقدونه".
الجدير بالذكر أن هذه القضية تشهد جدالا كبيرا داخل أروقة الشارع الفلسطيني، سواء في الضفة أو القطاع، وذلك لأن العديد من الأبرياء الذين لا علاقة لهم بحماس يكونون ضحية لسياسة الفصل الوظيفي العشوائي، الذي تتبعه الحكومة في الضفة.