تواصل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة المحتلة حملات الملاحقة والاعتقال بحق الناشطين، التي كان آخرها اعتقال 10 من أنصار حركة حماس أواخر الأسبوع الماضي.
حالة القمع التي تقودها السلطة لم تقتصر على الاعتقال بل تجاوزتها لتصل حد الإرهاب لكل صوت يغرد خارج سربها ويعكر صفو التنسيق الأمني مع الاحتلال.
وتفسر ممارسات الأجهزة الأمنية خشيتها من أن ينالها نصيب من هبة الأقصى، فضلا عن أنها تريد إظهار التزامها بقرارات الاجتماع الرباعي الذي عقد في العاصمة الأردنية، عمان، الأسبوع الماضي.
منع الانتفاضة
الكاتبة لمى خاطر أكدت أن حملة الاعتقالات الأخيرة تحمل عدة رسائل، أولها إلى الاحتلال لتأكيد التزام السلطة بالسيطرة الميدانية على الضفة، والاستمرار في ملاحقة أفراد المقاومة، وثانيها "رسالة تخويف" لحماس، على خلفية التظاهرات والتحركات التي تنظمها منذ أشهر نصرةً للمسجد الأقصى.
وقالت خاطر إن حماس أكبر من أن يؤثر عليها اعتقال 10 أو مائة من أبنائها، مضيفة: "كان يجدر بأجهزة السلطة أن تأخذ العبرة من حملة الاعتقالات الشرسة التي نفذها الاحتلال في المحافظة بعد عملية أسر المستوطنين، والتي لم تفلح في إيقاف نشاط الحركة أو ترهيب أنصارها".
وحمّلت خاطر أجهزة أمن السلطة المسئولية الكاملة عن حياتها وزوجها، ودعت رئيس السلطة محمود عباس الى حماية حقوق الانسان بدلًا من الانتهاكات التي تمارسها اجهزته في الضفة.
يذكر أن خاطر طالتها حملات السلطة الأمنية لأكثر من مرة؛ نتيجة نقدها المستمر لسياساتها، فأقدمت على اعتقال زوجها ومداهمة منزلها لأكثر من مرة، ومصادرة بعض مقتنياتها الشخصية.
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قالت إن محاصرة منزل لمى خاطر، تأتي في سياق حملة اعتقالات شرسة تشنها أجهزة امن السلطة في الضفة بالتوازي مع حملة الاعتقالات والقمع الذي تنفذها قوات الاحتلال في الأراضي المحتلة لمنع أي مواجهات معه، في ظل الاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى والمقدسيين.
وحملت المنظمة الرئيس عباس المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، ودعت إلى وقف الاعتقالات فورا، ورفع اليد عن الاحتجاجات المساندة للمقدسيين في انتفاضتهم ضد الاحتلال.
على مشارف السلطة
وفي السياق نفسه، توقع مراقبون أن تستهدف المظاهرات التي تشهدها مدن الضفة بين الفينة والأخرى تضمانا مع الأقصى، أجهزة أمن السلطة في حال استمرار الأخيرة بقمع المشاركين فيها والقائمين عليها، خاصة أن احتجاجات القدس آخذة في التصاعد، ما يعني أن نفحات من تلك الاحتجاجات من الممكن أن تصل لمدن الضفة وتتطور بعدها على مواجهات مفتوحة مع الاحتلال والسلطة القائمة على حماية تواجده.
المحلل السياسي حسن عبدو اعتبر بدوره ممارسات السلطة وكبتها للحريات حالة ليست جديدة بالضفة، موضحا أن السلطة تسعى لمنع أي عمل يهددها أو يهدد الاحتلال "وهذا المشهد لم يتغير منذ سنوات"، وفق قوله.
ورأى أن الاعتقالات الأخيرة تأتي في سياق التزام السلطة بتعهداتها في القمة الأردنية، في محاولة لمنع حالة التدهور بالضفة.
وذكر أن احتجاجات القدس تأخذ الطابع العفوي "وبالتالي من الصعب إيقافها أو منع وصولها للضفة"، معتبرا ان ما يحدث حاليا انتفاضة "لكنها تختلف في شكلها عن الانتفاضات السابقة، خاصة أنها تتلاءم مع الوضع الحالي والظروف في الضفة".
وبحسب عبدو، فإن أهم ما يعيق تلك الانتفاضة ويقف في طريقها هو الانقسام وعدم إجماع الفصائل عليها، معتقدا أن المؤشرات تدفع باتجاه استمرار الاحتجاجات في القدس لأن اليمين المتطرف يدفع باتجاه استمرار دائرة العنف "بل يحاول مفاقمتها".
في حين أكد الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل أن أهل الضفة لا يمكن أن يكون موقفهم مما يحدث في القدس "موقف المتفرج"، مشيرا إلى أن أهل الضفة يريدون أن يؤكدوا موقفهم بحرصهم على قدسية الأقصى والمدينة المقدسة، "لكن على السلطة أن توفر لهم أجواء الحرية، ولا تعمل على قمع مسيراتهم كما حصل في الخليل ونابلس"، كما قال.
ونوّه إلى أن هذه فرصة ثمينة للسلطة لتؤكد على فشل مفاوضات السلام، وانحيازها لخيارات شعبها بالتحرر.
وأضاف صلاح: "الانتفاضة الثالثة انطلقت، وأهم ما يميزها أن المقدسي يشعر أنه يخوض معركة البقاء، بأن يكون أو لا يكون، وهو الآن أمام مخطط التطهير العرقي الذي يفرضه ويمارسه الاحتلال ضدهم".
ويذكر أن الأجهزة الأمنية في الضفة كانت قد اعتقلت الأسير المحرر مصعب الزغير، والأسير المحرر والطالب في جامعة الخليل مصعب قفيشة، والأسير المحرر تامر النتشة، بعد اعتقالها الطالب في جامعة الخليل عبد الله قفيشة، واستدعاء لكل من فراس مجاهد وعبيدة القواسمة.
كما داهم عناصر من جهاز المخابرات العامة في الخليل منزل المعتقل السياسي حازم الفاخوري، وفتشوه وصادروا أجهزة حاسوب وبعض المقتنيات الخاصة. فيما يواصل الشاب علاء ابريوش إضرابه المفتوح عن الطعام لدى جهاز الأمن الوقائي في الخليل لليوم الرابع على التوالي.
أما في محافظة رام الله، فقد اعتقل جهاز المخابرات العامة الشابين محمد عمر قرعان وسيف سامي قرعان من مدينة البيرة. وفي مدينة طولكرم، اعتقل جهاز الأمن الوقائي المواطن نافذ عبيد (44 عاماً)، وهو أسير محرر من سجون الاحتلال قبل شهرين، فيما تعرض لاعتقالات سياسية سابقة لدى الأجهزة الأمنية نهاية الأسبوع الماضي.