"من أصلح بين اثنين أصلح الله أمره ومنحه بكل كلمة تكلم بها عتق رقبة, ورجع مغفورا له ما تقدّم من ذنبه". يكفي هذا الحديث الشريف أن يخبرنا عن رجل الإصلاح الحاج "زياد عنان" الذي وافته المنية فجر الخميس.
فاستيقظت غزة اليوم على وقع خبر ارتقاء روح أحد أبرز رجالات الإصلاح فيها، حتى ظُنّ أن السماء أمطرت استقبالاً لها وحزنًا على فراقه، فغسّلته بالماء والثَلَج قبل أن ينتقل إلى مثواه الأخير.
الحاج زياد محمد عنان (61 عام) ارتقى بعد حياةٍ حافلة بالعطاء والمساهمة في أعمال الخير وإصلاح ذات البين، حقن خلالها العديد من الدماء بين أبناء مدينة غزة.
محمد عنان –نجل المتوفى- روى لـ "الرسالة نت" حكاية ارتقاء والده، موضحًا أنه كان بصحة جيدة ولا يعاني من أي أمراض حتى في أواخر أيام حياته.
يُضيف نجله: "اتصل والدي بجارنا كي يقلّه بسيارته لأداء صلاة الفجر في مسجد أبو خضرة الذي هو إمامٌ له، ثم أهمّ بصلاة ركعتين في المنزل ريثما يصل رفيقه، حتى سقط أرضًا في الركعة الثانية من صلاته في المنزل".
"اتصلت والدتي بي بعدما اشتكى والدي آلامًا غريبة، فحضرت مسرًعا لألحظ عليه أعراض وسكرات الموت من عرق وبرودة أطراف، فيما كرر النطق بالشهادتين عشرات المرات"، يُكمل محمد عنان.
في الطريق إلى مجمع الشفاء، ارتقت روح الحاج عنان وهو يكرر الشهادتين بين يدي أبناءه، حتى وصل إلى المجمع مغشيًا عليه، معلنين وفاته على الفور.
مئات المصلين، أدوا ظهر اليوم الخميس صلاة الجنازة على روح الحاج عنان في مسجد "أبو خضرة"، بمشاركة واسعة من مختلف قادة الفصائل والوجهاء وممثلي النقابات والجمعيات ورجال الأعمال والمواطنين الذين توافدوا لصلاة الجنازة عليه.
وأمّ المشيعين نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والذي وصفه بأنه "رجل من رجال فلسطين" وترك أثرًا طيبًا في مسيرة الإصلاح بين الناس ومساعدة الفقراء والمحتاجين، فضلا عن عمارة المساجد.
وأشاد هنية بمناقب الفقيد عنان، مؤكدًا أنه كان من المجاهدين بالمال والنفس والأبناء، مُعربًا عن حزنه الشديد لفقدان الحاج عنان في هذا اليوم.
تتلمذ المرحوم عنان على يد الشيخ المؤسس أحمد ياسين، فكان يستعين به في حل مشاكل من يتوجه إليه من المواطنين ويستشيره في أمور الإصلاح، فهو رئيس لجنة الإصلاح في شمال الصبرة.
ويُعد الشيخ عنان أحد أبرز رموز حركة المقاومة الإسلامية حماس وأهم قادة الدعوة فيها، كما أسس جمعية المجمع الإسلامي مع الشيخ الياسين، ولطالما عُرف باحتضانه للمقاومة ورجالها وتأسيس الجيل المسلم من حفظة كتاب الله والمقاومين من أبناء الحركة.