مفاوضات التهدئة "في علم الغيب"

الوفد المفاوض في القاهرة (أرشيف)
الوفد المفاوض في القاهرة (أرشيف)

غزة-محمد الشيخ

لا تزال غزة تعيش في دوامة هي الأكبر عبر تاريخها، معلومة المصدر ومجهولة الوقت، فلا الإعمار كما تمنى المواطنون، ولا المعابر كما توقع أقل المتفائلين، ووضعها منذ انتهاء العدوان الأخير عليها، "مكانك سر".

مفاوضات التهدئة غير المباشرة بين الاحتلال (الإسرائيلي) والوفد الفلسطيني برعاية مصرية، كان من المقرر أن تستأنف في القاهرة أواخر أكتوبر الماضي، لكنها تأجلت إلى أجل غير مسمى، بطلب مصري، بعد تفجيرات سيناء، التي راح ضحيتها 31 جنديا مصريا.

الأحلام الفلسطينية كانت معلقة على استئناف المفاوضات أملا في تحسن الأوضاع بغزة، واستكمال الحديث عن الميناء والمطار -أهم مطالب المقاومة لوقف إطلاق النار-لكن بعد أحداث سيناء وما رافقها من إغلاق معبر رفح حتى إشعار آخر، فقد الغزيون الأمل.

قيس أبو ليلى نائب أمين عام الجبهة الديمقراطية، وعضو الوفد الفلسطيني المفاوض بالقاهرة، قال إنه لا توجد مؤشرات بقرب استئناف المفاوضات غير المباشرة.

ولفت أبو ليلى في تصريح لـ "الرسالة" إلى أن الجانب الفلسطيني أبلغ القيادة المصرية عن طريق رئيس الوفد المفاوض عزام الأحمد، جاهزيته لاستئناف العملية التفاوضية، كما أكد أن الخلافات الداخلية القائمة بين حركتي فتح وحماس لن تؤثر على عمل الوفد الموحد.

وأوضح أن الجانب الفلسطيني لا يزال ينتظر الدعوة المصرية الرسمية للتوجه إلى القاهرة، مبينا أن استئناف المفاوضات مرهون بتطورات الوضع الأمني داخل الأراضي المصرية، وعلى وجه الخصوص في شبه جزيرة سيناء.

ومع بقاء ملف مفاوضات التهدئة معلّقا، تستغل (إسرائيل) ذلك بخرق بنود التفاهمات بين الحين والآخر، مقابل التزام المقاومة.

وبدا واضحا في الفترة الأخيرة التخبط داخل حكومة الاحتلال كنتيجة واضحة بعد العدوان على غزة، بعدما أقال رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو كل من رئيس الأركان بني غانتس ووزير المالية يائير لابيد، ووزيرة العدل تسيبي ليفني، لمعارضتهم سياسته الحالية وخلافاتهم المستمرة حول العدوان.

وتستغل (إسرائيل) جمود مفاوضات التهدئة في الوقت الحالي لإعادة ترتيب أوراقها الداخلية، والاستعداد جيدا للمرحلة المقبلة حال العودة إليها، خاصة مع إصرار نتنياهو على تقديم الانتخابات (الإسرائيلية) عن موعدها المحدد.

وعلى صعيد متصل، فإن فتور العلاقة بين حماس والقاهرة، واتهامات مصر الأخيرة بمسؤولية الحركة عن أحداث سيناء، كان أحد الأسباب التي أدت إلى تأجيل مفاوضات التهدئة.

وهنا، توقع المحلل السياسي مصطفى الصواف أن تشهد علاقات الطرفين (حماس ومصر) تجاذبات ايجابية في الأيام المقبلة، وانفراجه في العلاقات بما يحقق مصالح الطرفين، وفي نفس الوقت يحقق مصالح الشعبين.

ويرى الصواف في مقال له أن الفترة المقبلة ستشهد تحركا واسعا في ملفات عديدة في الساحة السياسية منها المفاوضات غير المباشرة، سواء بشكل منفرد أو ضمن الوفد، "الذي لم يعد له ضرورة أو قيمة عملية"، وفق الصواف.

ويقول: "الفترة المقبلة ستشهد تحركا أيضا في موضوع الأسرى، وما سينتج عنه من حديث وتحريك للوساطة المصرية، وهذا مطلب (إسرائيلي) خاصة في ظل الحديث عن وجود أحياء من بين الجنود كما تحدثت وسائل الإعلام في أكثر من موضع".

ويضيف "مصر تريد من حماس أن تمنحها فرصة أن تكون وسيطا في قضية ملف الأسرى والتبادل بين حماس و(إسرائيل) مستقبلا، والأولى لديها الأمر بما يساعد النظام للقيام بذلك، والعمل على تعزيز مكانتها بشكل مؤقت، لذلك بقدر ما تسعى حماس لترميم العلاقات مع مصر، الأخيرة أيضا تسعى إلى ذلك فالسياسة مصالح".

ومع بقاء الوضع على ما هو عليه، وتأجيل مفاوضات التهدئة إلى أجل غير معلوم، يبقى تحديد موعد الجلسة المقبلة "في علم الغيب"، حتى تعلن مصر عنها.

البث المباشر