قائد الطوفان قائد الطوفان

في الذكرى الـ97 لوعد بلفور

دولة فلسطين .. نطفة في رحم الغيب السياسي

وعد بلفور المشؤوم
وعد بلفور المشؤوم

الرسالة نت- محمد أبو زايدة

"حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية"، هي بداية همسات رسالة "آرثر جيمس بلفور" وزير خارجية بريطانيا عام 1917 في الثاني من شهر (تشرين الثاني/ نوفمبر)، وجّهها إلى أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية اللورد روتشيلد.. ليصبح على اثرها "وعد من لا يملك .. لمن لا يستحق".

سبعةٌ وتسعون عامًا هو العمر الزمني لـ"وعد بلفور"، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، رامية بعرض الحائط شعبًا تجذرت روحه على تلك التراب.

وعدٌ أدى إلى تعميق مآسي الفلسطينيين يوما بعد الآخر. إلا أنّ ذلك يضع شارة على جباه كل من حمل همّ الوطن، أن القضية إرث تتناقله الأجيال ويستحيل المساومة عليه.

وبعد إصدار الوعد بـشهر، أي بالتاسع من (ديسمبر/ كانون الأول) لعام 1917، بدأ الانتداب البريطاني لفلسطين، وظفت خلاله الحكومة البريطانية وعدها على أرض الواقع، وترجمته إلى حقائق لا تمت بصلة إلى الحق الفلسطيني.

وما إن أطل يوم الخامس عشر من (أيار/مايو) 1948، حتى كانت الدولة اليهودية جاهزة لتعلن على الجزء الأكبر من أرض فلسطين التاريخية.

في المقابل تم اقتلاع مئات الآلاف من الفلسطينيين من وطنهم التاريخي وتدمير المساحة العظمى من تجمعاتهم السكنية، لتقام على آثارها البلدات والمستوطنات اليهودية، وليصبح جل هؤلاء الفلسطينيين شعبا مهجرًا منفيا خارج حدود وطنه التاريخي.

نكبة فلسطينية ما زالت قائمة منذ ذلك التاريخ حتى وقتنا هذا، تتعرض على اثرها فلسطين لمشاريع استيطانية واغتصاب للحرمات المقدسة، وعلى رأسها مشروع الصهيونية الذي يسعى لتهويد الأقصى المبارك، ويعقد مؤامرات تستهدف هدمه وإقامة هيكل مزعوم على آثاره.

ذكرى تمُر على الشعب كـ"العلقم"، والأقصى مكبّل بالقيود، ويتعرض لأبشع الاقتحامات على مدى تاريخه. "فإسرائيل" لم تعد مقتصرة على التخطيط، حيث بدأت بتنفيذ مخططاتها ضد المسجد الأقصى.

في الآونة الأخيرة كثرت الاقتحامات للمسجد الأقصى، وأبرزها اقتحام رئيس بلدية الاحتلال بالقدس المحتلة نير بركات، برفقة عدد من المسئولين (الإسرائيليين).

والعجيب في الأمر أن أعلى المستويات في الكيان "الإسرائيلي" تخطط وتنفذ المؤامرات ضد المسجد الأقصى، فيما ترك وحيدًا لا يدافع عنه سوى قليل من المرابطين والمرابطات في ساحاته,

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تخطاه لتمسي بوابات الأقصى مغلقة في وجه المصلين بقرار من شرطة الاحتلال، ويرفع الآذان ولا أحد يستطيع الدخول لأداء الفريضة، إلا بعد ساعات جرى تحديد أعمار المصلين من هم فوق الخمسين.

غيض من فيض هي المآسي التي تعرض لها الفلسطينيون، إلا أنه ما بين عام 1917، و 2014، تغيّرت الذكرى لتحمل بصيص أملٍ، بعد حدوث نوع من التطور الأكثر إيجابية في الموقف البريطاني تجاه القضية الفلسطينية، والذي تمثل في قرار مجلس العموم البريطاني في الثالث عشر من الشهر الماضي، حيث صوّت البرلمان البريطاني بأغلبية ساحقة لصالح الاعتراف بدولة فلسطين.

ودعا مجلس العموم في الحكومة البريطانية إلى تبني هذا الموقف رسميا، والتصويت في مجلس الأمن الدولي لصالح الاعتراف بحدود دولة فلسطين والانسحاب "الإسرائيلي" التام منها وفق جدول زمني محدد.

رغم أن هذا القرار لا يأخذ الصفة الإلزامية إلا أنه يشكل نوعا من التغيير الإيجابي في الموقف البريطاني، وهو تعبير على وجود تغيير تجاه "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال.

كثرة الصدمات والخذلان، شكّلت لدى الشعب الفلسطيني مناعة كافية، بحيث أن ظرفا؛ أيا كان، لن يقدر على إحباطه أو تدمير قواه الذاتية التي حافظ عليها عبر أقسى نضالاته، رافعًا شعار "وإن غدا لناظره قريب"، متخوفًا من أن يظل إلى وقت يتجاوز القرن وهو ينتظر دولة كاملة الأركان، لا أن يصبح حلمه مجرد نطفة في رحم الغيب السياسي.

البث المباشر