قائد الطوفان قائد الطوفان

استمرار الإبادة بجباليا

مجزرة عائلة علوش.. عشرات الشهداء تناثرت أشلاؤهم بلا رأفة

جباليا
جباليا

الرسالة نت- خاص

مرة أخرى جباليا، بل للمرة الألف، نفس المشهد يتكرر أمام أعين العالم، مشاهد تقشعر لها الأبدان، في ظل غياب كامل لخدمات الدفاع المدني، وسيارات الإسعاف، وتهالك منظومة إنسانية كاملة في شمال غزة، ثم يأتي الاحتلال ويضرب بصواريخه الأجساد التي تهالكت جوعا وبدت وكأنها أشباح تسير على الأرض دون طاقة ولا نبض.
جباليا المنكوبة لم تعد تحصي عدد المجازر التي ترتكب على أرضها، واليوم استهدف الاحتلال مربعا سكنيا كاملا لأناس نائمين بأمان، ليرتقي 40 شهيدا، نصفهم من النساء والأطفال، وصلوا إلى باحات مستشفى المعمداني، وتمددوا على الأرصفة حيث لا قبور مستعجلة، وأصبح حتى الدفن يحتاج إلى ضريبة عالية.
الحقيقة أنهم لم يكونوا 40 فقط، بل لازالت الأجساد مدفونة تحت الأنقاض، المزيد من الموت، مجزرة مروعة لعائلة علوش في وسط مدينة جباليا، عائلة كاملة كانت نائمة، لم تطلب من هذه الحياة كثيرا من الأحلام.

كل هذا القتل الذي تتلقفه جباليا وحدها منذ شهر ونصف كان مخططا له ضمن اعتراف إرهابيي الاحتلال، فوفقا  لصحيفة "هآرتس" فإن قائد الفرقة "162" في الجيش اعترف أنه ينفذ عمليات "تطهير" للفلسطينيين من شمال غزة ومنعهم من العودة إليها بأوامر من رئيس الأركان هليفي وقائد المنطقة الجنوبية والمستوى السياسي بقيادة نتنياهو".
لكن أهالي جباليا قرروا البقاء، ولم يكن أمامهم سوى الموت خيارا واحد، تحت جدران بيوتهم التي تستقبل الشتاء هشة مثقلة بالوجع خالية من المؤن.
وحينما حاول الأهالي الدخول إلى ما تبقى من منزل العائلة، جمعوا الأشلاء من تحت أنقاض الغرف، وبدأ أهالي الحي بالتعرف على بعض ملامح تبقت من جثث انصهرت تحت القذائف، تلك امرأة عرفتها قريبتها من حجابها، وذلك طفل عرف من لون كنزته، وتلك طفلة عرفت من لعبتها المقتولة إلى جانبها.
ولم ينته الموت عند بشاعة المشهد في جباليا، بل هو مستمر على مدار الساعة، مجزرة تتلقفها الأخرى، ودماء ترش فوق الدماء، فعند الدوار الغربي لبيت لاهيا ارتكب الاحتلال مجزرة ما قبل منتصف النهار، فقد قصف تجمعا للمواطنين المتحركين بحثا عن طعام، حيث لم يعد يكترث الجائع وهو يعلم أن كل متحرك على الأرض بات هدفا، فارتقت مزيد من الأرواح على قارعة الطريق، وبدأت العربات التي تجرها الأحصنة تحمل ما تبقى من أشلاء وتذهب إلى ما تبقى من مستشفيات.
23 طفلا وصل عدد الضحايا في مجزرة عائلة علوش، بينما تدمرت منازل مجاورة وارتقى شهداء مارة، ولا زالت الإحصاءات لم تكتمل.
كان المنزل المستهدف مكونا من ثلاثة طوابق ويمتلئ بالنازحين الفارين من مخيم جباليا، ويتحدث جيران المنزل عن 70 شخصا كانوا موجودين بداخله، ويحكي الدفاع المدني الممنوع من وظيفته أن الاحتلال يستخدم أسلوبا جديدا بالشمال بإطلاق قنابل شديدة الانفجار.
لم يكن الموت هذا الصباح مقتصرا على جباليا، فقد تحدث الدفاع المدني أيضا عن استهداف آخر في حي الصبرة بمدينة غزة ارتقى فيه خمسة شهداء آخرين.

ثم بدأت التصريحات تعاد حتى حفظها أهالي قطاع غزة، نفس الكلمات الجوفاء التي لا تغير من أقدار الحرب شيئا، ورغم ما قاله مكتب الأمم المتحدة قبل أيام  لحقوق الإنسان إن حوالي 70 في المئة من الضحايا الذين تم التحقق من وفاتهم نساء وأطفال، مُديناً ما وصفه بـ"الانتهاك الممنهج" للمبادئ الأساسية التي أقرّها القانون الإنساني الدولي، ورغم كل هذه الانتهاكات، تتغول (إسرائيل) أكثر في دماء الأطفال، وكأن الموت شهوة لديها. 
بالأمس خرج فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأونروا، محذرا مرة أخرى من أزمة إنسانية خطيرة واحتمال حدوث مجاعة في شمال القطاع، مشيرا إلى أن (إسرائيل) تستخدم سياسة "التجويع كسلاح"، إذ تمنع وصول أساسيات الحياة للسكان.
لا يدري أهالي جباليا كم مرة خرج المتشدقون لإدانة ما يحدث، أو لتكرار التحذيرات للمرة الألف، بأن جباليا تباد، ولم يتبق فيها حجر على حجر، ولكنهم يعلمون أن عليهم أن يكملوا رسالة الثبات حتى آخرها، كجندي أعزل في معركة الموت، يحيط به الظلام من كل جانب.
ويعلمون جيدا أنهم قدموا حتى اللحظة أكثر من 1500 شهيد خلال شهر من العملية العسكرية التي اعترف منفذوها بكل وقاحة بأنها تهدف إلى تطهير عرقي حقيقي بقيادة أمريكية وبكثير من الإرهاب ( الإسرائيلي) الذي يركض وراء كل حياة ليغتالها.

البث المباشر