أراد أن ينزل رامي فيصل، الذي يُعرف عنه شغفه بالقراءة، عند رغبة صاحبه بتجربة موقع "ألف ياء" المختص بعملية تسهيل وصول القراء في قطاع غزة إلى الكتب التي يبحثون عنها، خاصة أنه يعاني من ارتفاع ثمنها، وصعوبة العثور على مُراده.
ساعات قليلة مضت على ولوج رامي الموقع وطلب الكتاب الذي يرغب باقتنائه، حتى جاءه اتصال يخبره أن أحد العاملين في خدمة التوصيل يقف على باب منزله وبحوزته الكتاب.
وقتها، فرّت الحروف من طرف لسانه، وتملكه شعور ممزوج بالغرابة والإعجاب من الخدمة الجديدة التي تقف خلفها مبادرة شبابية، هي الأولى من نوعها في قطاع غزة، ثم أجزل الشكر لصاحبه على إرشاده، حين استلم الكتاب مكسوّا بغلاف جميل.
رامي واحد من مئات القراء الذين سارعوا إلى التسجيل في الموقع الإلكتروني "ألف ياء"، منذ انطلاقه في الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي، بعدما اجتمعت فيه غاياتهم، من حيث تصفح الكتب واقتنائها، والأهم اختصار المسافات عليهم.
المفارقة أن القائمين على الموقع الإلكتروني لم يدشنوا حملة دعاية وإعلان له، إنما اكتفوا بالترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال صاحبه جمال بدر -الذي يقود فريقا قوامه تسعة شباب- لـ"الرسالة نت" إن الموقع الإلكتروني يقوم على تشجيع القراءة من خلال تسهيل الوصول إلى الكتب، مشيرا إلى أن العملية تقوم على طريقتين، الأولى أن يبادر القارئ بتنفيذ أمر شراء كتاب جديد عبر الموقع، أو عرض كتاب مستعمل للبيع والحصول على نقاط تؤهله لشراء آخر.
وأشار بدر إلى أنه وفريقه جمعوا كل قوائم الكتب الموجودة في جميع مكتبات قطاع غزة، ورفعوها على الموقع، وقدرت بحوالي 25 ألف كتاب.
فكرة "ألف ياء" وليدة شعور بدر وفريقه بحاجة الناس إلى وسائل أكثر يسرا تجعل الكتاب في متناولهم "بأرخص ثمن وأكثر فعالية"، وسرعان ما انعكس نجاحها في الرضا والإقبال الواسع لدى القراء على الموقع، "حتى إن بعضهم تفاجأ من وجود كتب لم يكونوا يعتقدون أنها موجودة في غزة، وأصبحت بين أيديهم"، وفق بدر.
ويشرح بدر سبب تسمية الموقع بهذا الاسم، أن كل ما يتعلق بالكتاب من الألف إلى الياء في الموقع، سيكون متوفرا للقارئ.
وكشف صاحب الموقع، أن عدد أعضائه بلغ منذ انطلاقته 700، وأن 350 عملية شراء تمت في المدة التي لا تتجاوز الشهر، وهو معدل فاجأ القائمين عليه.
وأوضح أنهم أدخلوا الكتاب الجامعي ضمن خدمات الموقع حديثا، حيث صار بإمكان أي طالب جامعي بيع كتبه والحصول على نقاط يشتري بها كتابا جامعيا آخر، دون الحاجة إلى شرائه كل فصل.
وإضافة للخدمات الجديدة، أشار بدر إلى خدمة متعلقة بإحضار الكتب غير الموجودة في غزة من الخارج، عبر دفع بعض التكاليف الإضافية، وكذلك خدمة "ملخصات الكتب" مرتفعة السعر وغير المتوفرة، من خلال إحضار نسخة واحدة من أي كتاب، والدفع بها إلى أكاديمي من أجل تلخيصها في صفحات معدودة، "وهذه خدمة ستضاف قريبا، وتهم الباحثين في التخصصات العلمية ومراكز الدراسات".
وذكر أن مؤلفين في غزة اختاروا موقع "ألف ياء" ليكون منبرا تنطلق منه أعمالهم الجديدة، إلى القراء.
ويطمح بدر وفريقه الشبابي أن تغدو مبادرتهم مؤسسة ثقافية قائمة بذاتها، وأن تبادر مؤسسات المجتمع المدني إلى دعمها وتقديم التسهيلات لها، وقال: "هذا حق لنا في ظل مبادرة ناجحة"، علما أن بدر ورفاقه كانوا قد أطلقوا مبادرات مماثلة، آخرها كان "اصنع قارئا"، وهي عبارة عن تدشين مكتبات صغيرة في المرافق العامة، وأخرى بعنوان "منتدى حوار"، الذي يختص بتلخيص كتاب ومناقشته.
