قرار الذهاب للأمم المتحدة بمشروع الدولة كان ارتجاليا أحاديا من قبل الرئيس محمود عباس، فلم يستشر أو يأخذ برأي فصائل المقاومة والمؤسسات المدنية، ولم تشارك حتى حركة فتح كما صرحت مجموعة من قيادتها بإنضاج هذه الخطوة الهامة، إذا هذا المشروع كان شخصيا وانفراديا محضا، والفشل فيه يجب أن يتحمله الرئيس بشخصه بصفته أقدم عليه دون ظهير فصائلي وشعبي أو حتى فتحاوي.
كل مشروع سياسي تجاه الأمم المتحدة يفتقد الإجماع الوطني ضعيف وغير مجد ولن يكتب له النجاح، تمنيت لو أن الرئيس عباس عرضه على الفصائل والمؤسسات والوطنية بعد دراسته وتصحيحه ودعمه من القوى بما فيهم حماس، بالتأكيد مواجهة العالم موحدين أفضل ألف مرة من مواجهته منفردين مشتتين بخطوات ارتجالية عشوائية عفوية، وما نجاح العصف المأكول إلا لوجود ظهير شعبي قوي في الداخل والخارج، مع تماسك فصائلي وأداء سياسي جمعي تمثل بوفد مشترك.
إدارة الرئيس لهذا الملف فاشلة منذ البداية حينما تعامل بإقصائية ولم يستشر المختصين ولم يأخذ بملاحظات القوى اليسارية ولم يستشر حماس ووتّر الاجواء معها، كما أنه قدمه قبل تغيير تشكيلة مجلس الأمن بأيام، وكان بإمكانه التصبر واختيار الوقت المناسب والدول المناسبة، فالدول القادمة في المجلس ستحسم له التسعة أصوات، إلا أن هناك همسا منتشرا في الأوساط المقربة منه أن الرئيس تعمد التقديم والفشل ليعفي الولايات المتحدة من حرج استخدام الفيتو.
بعد الفشل الواضح للرئيس اليوم مطالب أن يعتذر للشعب الفلسطيني ويتنحى بأسرع وقت ممكن، فهذا ليس الفشل الأول ولن يكون الأخير طالما استمر بإدارته السيئة للسلطة بنفس العقلية التفردية الفاسدة، ففترة الرئيس عباس كانت كئيبة على شعبنا الفلسطيني فقد حدث الانقسام السياسي والجغرافي والفتحاوي وترهلت المنظمة وغابت حقوقنا الدولية، وانتكست مشاريعنا بما فيها عملية السلام، وضاعت الضفة وتضاعف الاستيطان وهُودت القدس دون حراك، ولولا صبر وصمود غزة ومقاومتها لضاعت قضيتنا للأبد.
ليس خطأ ولا عيبا أن يعترف الرئيس بفشله ويعلن اعتزاله وتنحيه، فلا أتوقع منه أي خطوات إيجابية بناءة بعد هذا الفشل المريع، فلن ينفتح على حماس ويتخذ قرارا بتفعيل المصالحة، ولن يُصلح منظمة التحرير وسيبقي على احتكاره للقرار، ولن يجمع الشتات الفتحاوي وسيجبن أمام التوجه للانضمام لمحكمة الجنايات والمؤسسات الدولية، وسيكتفي بحركات بهلوانية سياسية يلهي بها الإعلام بقضايا هامشية، وسيشن جام غضبه على غزة بقضايا وهمية وقصص تفصيلية لخلط أوراق المرحلة.
وبناء على ما سبق أنصح القوى الوطنية المسارعة لاتخاذ خطوتين هامتين، أولا استحداث لجان فاعلة وعملية لسد الفراغ الذي تتركه حكومة الحمد الله في غزة وخصوصا فيما يتعلق بالمعابر والحصار وإعادة الإعمار، والأمر الثاني الضغط جديا لإخراج الرئيس من المشهد السياسي وإجباره على التنحي وترك مناصبه المختلفة عبر مطالبات فصائلية رسمية وجماهيرية محتشدة من جميع الاتجاهات.