تشكيل هيئة وطنية.. ورقة ضغط على حكومة التوافق

حكومة التوافق
حكومة التوافق

غزة-محمود فودة

بعد خيبة الأمل التي أصابت الفصائل الفلسطينية والشارع الغزّي بأكمله، من التقصير الواضح لحكومة التوافق اتجاه غزة، تداول ساسة في غزة فكرة تشكيل هيئة وطنية تضغط على الحكومة للقيام بمسؤولياتها في القطاع، أسوة بتعاملها مع الضفة المحتلة.

ولم يبقى انزعاج الفصائل من سياسة حكومة التوافق حبيس الرسائل المتبادلة بين شقي الوطن، بل تطور ليظهر على الساحة بشكل علني، عبر عدة فعاليات نظمتها غالبية الفصائل بشكل موحد، بعثت من خلالها رسالة قوية مفادها أنه لا مبرر لتقصير الحكومة بغزة، وأنه من المتوقع أن تتبعها خطوات أكثر عملية، تتمثل بلجنة وطنية ضاغطة على الحكومة.

حماس الأكثر حرصًا على المصالحة،كما يؤكد قادتها، والطرف الأقوى في ملف المصالحة، جاء على لسان القيادي فيها موسى أبو مرزوق أن الفصائل تتجه لعقد مؤتمر وطني يهدف لتشكيل لجنة وطنية تحمل على رأس أولوياتها الملف الأثقل، المتمثل بإعادة إعمار غزة.

حديث أبو مرزوق جاء خلال لقاء جمع قادة الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني في مدينة غزة، -وهي الشريحة المعنية بالتحضير لتشكيل هذه الهيئة-دعاهم خلالها لتبني الفكرة، من أجل الضغط بجميع الوسائل على حكومة التوافق؛ للبدء فورا باستلام قطاع غزة، وإعادة الإعمار، ورفع الحصار.

معيقات

ونظرا لوجود عدة معيقات قد تواجه تلك اللجنة، تتمثل بالدعم المالي، وارتباط اتفاقيات الاعمار وغيرها بالسلطة الفلسطينية، رأى مراقبون أنها لا تمثل إلا ورقة ضغط من الفصائل على الحكومة؛ بهدف دفعها للعمل بجدية في ملفات غزة، إلا أن حديث عدد من قادة التنظيمات ينم عن توجه جدّي لتشكيلها.

المحلل السياسي طلال عوكل رأى خلال حديثه لـ، أن اللجنة وسيلة مساعدة لحكومة التوافق في تسهيل الحياة بغزة، ومد جسور الثقة بين الحكومة والمواطن، "وليس كما فهم البعض بأنها بديلة عن الحكومة"، كما قال.

واعتبر أن الهيئة تمثل اتجاها إيجابيا، من شأنها تذليل العقبات التي قد تواجه عمل الحكومة بغزة، وفي تشكيلها بأسرع وقت يمثل المخرج للأزمة الفلسطينية الداخلية التي تطفو على السطح في الوقت الراهن.

 حكومة التوافق قد ترى في هذه الهيئة سلطة موازية لها، وعليه، قد لا تقبل بتشكيلها أو عملها، إلا أن عوكل استبعد ذلك؛ لأن تشكيلها جاء بقرار وطني من كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني.

بينما رأت أطراف أخرى في هذا الإجراء، مناورة من بعض الفصائل في قطاع غزة، كورقة ضغط على الحكومة لدفعها لإنجاز الملفات العالقة بغزة وتحمل مسؤولياتها المنوطة بها، وفي ذلك بيّن عوكل أن طرح الأمر يبدو جدّيًا للخروج من المشهد الفلسطيني المتأزم.

إعلان حماس عن التوجه لتشكيل هذه الهيئة، دفع بعض الأطراف لاعتبارها أداة في يد الحركة، إلا أن ما يبدّد هذا الزعم مشاركة طيف واسع من الفصائل الفلسطينية فيها، الأمر الذي لن يؤدي للاستفراد بالقرار أو التوجهات.

واتفق المحلل السياسي هاني البسوس مع سابقه حول إمكانية تطبيقها بشكل فعلي على أرض الواقع؛ بغرض الضغط على الحكومة لتسهيل الأوضاع المعيشية بغزة، لكنه قلل في الوقت نفسه، من إمكانية نجاحها نظرًا لعدم رغبة الحكومة في تحسين الأوضاع تبعًا لقرار سياسي واضح من السلطة الفلسطينية.

فيما اختلف البسوس مع سابقه حول وظيفة هذه الهيئة، إذ يرى أنها قد تتطور لتصبح مرحلة انتقالية وليس أداة مساعدة أو ضاغطة فحسب، ملمحًا إلى أنها ستصطدم بعدة معيقات كبيرة في ظل الوضع الاقليمي الراهن.

وحدة الفصائل

توحد الفصائل الفلسطينية في هذه المرحلة حول ضرورة تشكيل هذه الهيئة يمثل خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، لأن وحدة الكلمة والقرار ستكون بمنزلة أداة ضغط ثقيلة على السلطة الفلسطينية التي ستمسي وحيدةً في مواجهة الضغط الفصائلي عدا عن الضغط الشعبي.

ضيق الخيارات لدى الفصائل، الذي يظهر جليًا باستبعاد قرار المواجهة العسكرية خلال الفترة المقبلة، أو أن يطرأ تحسن في سياسة السلطة اتجاه غزة على المدى القريب بالحد الأدنى، يجعلها أكثر جديةً في التوجه لتشكيل هيئة وطنية تضغط على الحكومة.

احتمالات نجاحها في دفع الحكومة للقيام بمسؤولياتها تبدو ضعيفة، مع توالي القرارات المجحفة بحق غزة الصادرة عن رئيس السلطة محمود عباس، تصدرها عدم إعطاء الصلاحيات اللازمة لرئيس الحكومة رامي الحمد الله، الذي أعلن عن ذلك حديثا بشكل صريح لا يقبل التأويل بأنه يأتمر بتوجيهات أبو مازن بشكل مباشر.

ويرى المراقبون أن التحركات التي تبذلها الفصائل الفلسطينية بغزة داخلياً وخارجيًا، قد تدفع الحكومة للتجاوب نسبيًا مع الدعوات الموجهة لها بضرورة العمل لإنهاء معاناة قطاع غزة.

 التأزم الحاصل في المشهد الفلسطيني الداخلي -خاصةً بين حركتي فتح وحماس-إضافةً لصعوبة عمل هذه الهيئة في ظل تعنت عباس، جعل البسوس يحصر الحل في المرحلة المقبلة من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية.

البث المباشر