أثار وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" في معرض تعليقه على الانتقادات الأمريكية، بشأن علاقة بلاده بحركة حماس جدلا إعلاميا وسياسيا حيث قال "إن الجميع يعلم الفرق بين خط حماس السياسي السابق والحالي، وتعتبر تركيا من أكثر الدول التي ساهمت في إحداث ذلك الفرق، حتى أننا أقنعنا حماس بأن الوقت الذي سيتم فيه التوصل إلى حل؛ سيتضمن الاعتراف بدولة (إسرائيل) مستقلة".
استغل الإعلام المناوئ لحماس والمتربص للدور التركي هذا التصريح وحرفه عن مساره الصحيح، ليظهر تنازل الحركة من جهة وسوء نوايا الاتراك في تعاملهم مع القضية الفلسطينية، وهذا تناول غير دقيق من وجهة نظري، فأقوال السيد أوغلو جاءت صريحة وشفافة وتعبر عن حقيقة مسعى الدور التركي في قضايا الشرق الأوسط، وهذه الشفافية البناءة لا تُلزم أحد بقدر ما توضح جوهر وطبيعة الدور التركي.
فتركيا أردوغان تعترف بـ (إسرائيل) وتؤمن بحل الدولتين وتعمل على دفع التسوية بشكل عادل من وجهة نظرها وقد تنصح حركة حماس ببعض الأفكار، إلا أنها في المقابل تمارس ضغطا على الكيان الصهيوني وتقوم بدعم سياسي بناء لحق شعبنا في الدفاع عن نفسه، وتفتح أبوابها لتهيئة الظروف لتقديم دعم لوجستي للفلسطينيين هم في أمس الحاجة إليه.
حديث أوغلو جاء في مساحة تحرك تركيا التي رسمتها لنفسها، فهي لم ترفع في يوم شعار إبادة (إسرائيل) أو الموت لأمريكا، بل تعتبر صديق متناغم مع السياسة الامريكية في الكثير من القضايا السياسية الحساسة بالمنطقة، مع هامش تحرك يبعدها عن التصادم العنيف والقوى الدولية المركزية، لهذا يأتي التصريح كتهرب من الضغط الأمريكي والتساؤل المستمر حول الدعم التركي لحماس والفصائل الفلسطينية، ومواجهة للتحريض الصهيوني المستعر في الأروقة الأوربية والغربية، حيث أن هناك اتهام (إسرائيلي) مباشر ومعلن عن دور تركي برعاية حركة حماس ودعمها ماليا وعسكريا، وقد نشر الإعلام المقرب من اللوبي الصهيوني مئات التقارير الكيدية والمحرضة على تركيا.
من معرفتي بحركة حماس فهي غير ملزمة بالرؤية التركية، واعتقد أنها تُقدر حق تركيا في التعامل مع القضية الفلسطينية طالما أنها لا تمارس ضغوطا وابتزاز سياسي، فتركيا المتوازنة تستقبل الرئيس عباس وتجمع له السفراء وتدعمه في مشروع الامم المتحدة وفي الوقت نفسه تعمل جاهدة لرفع الحصار عن قطاع غزة وتحاول إيجاد مخرج لدعم المقاومة، وتستنفر مؤسساتها للتخفيف مما تلاقيه غزة من صعوبات، ويستقبل حزبها الحاكم السيد خالد مشعل استقبال الأبطال، وتفتح أبوابها لقيادات وازنة من جميع الفصائل العاملة وخاصة حركة حماس.
تصريح أوغلو ذكيا حيث خاطب الولايات المتحدة بمنطقها، ورمى الكرة بالملعب (الإسرائيلي) ونبه الغرب ان الإشكالية الحقيقية برفض الاحتلال، وليست عند حركة حماس دون أن يحمل الحركة أي تبعات، وبالتأكيد في حال اقدم الاحتلال على الانسحاب من أراضي الضفة الغربية والقدس واعترف بالدولة الفلسطينية كما يشترط أوغلو فإن لكل حادثة حديث.
مقال: تركيا وحماس والاعتراف بإسرائيل
غزة-الرسالة نت