منذ البداية كان واضحاً أن الأمور ستنتهي على هذا الشكل. فحرب أخرى كهذه، التي يتنصل الكثيرون من دورهم بها، ولم يعد أحد على استعداد للتماثل معها، بعد ستة أشهر من مقولة «انتصرنا» لا نجد طلباً على ذلك الانتصار.
حتى مجرد ذكر الحرب في الحملة الانتخابية غير موجود. بقي «الجرف» يتيماً. فمن يطالب بالأبوة لقوته. فقط بيبي وبوغي وحدهم يداعبونه في أحضانهم، عندما يبدأ هذا اليتيم بالبكاء.
من يذكر تلك الاستوديوهات الملتهبة في الصيف الماضي؟
كيف ازدحموا هناك من الحائط إلى الحائط، وكل منهم يحاول صب الزيت على نار القبيلة.
لكنهم اليوم مرضى الميكروفونات ومدمنو الكاميرات، لماذا لا يسمعونهم في الفترة الأخيرة، ألستم قلقون على المصابين في أجسادهم وفي نفسياتهم، ولا تستجيبون لاحتياجاتهم؟
الآن يخرجون تباعاً من أوكارهم ويسجلون تحفظاتهم، طبعاً بعد حدوث الحدث، وبعد الفشل. ودائماً بالإمكان الاعتماد على الذاكرة القصيرة للجمهور في غياب الحصانة من وباء النسيان. ولكننا نذكرهم واحداً واحداً. الآن بشكل متأخر، سيغمرونكم بما كانوا يفكرون به حينذاك. فإلى متى تصغوا لحكماء الليل، إلى أن تغلقوا الشاشات والى الأبد.
من لم يتمكن من الهرب من «الجرف الصامد» الذي كان يعتبر قبل فترة «صخرة وجودنا»، وتحول مرة واحدة إلى صخرة الخلاف. بالأمس فقط كانت حرب غزة الحرب أكثر مبررة والأكثر مثاراً للاتفاق والأكثر أخلاقية. حتى اسحق هرتسوغ من المعارضة دعمها. واعتبر بوغي وطنياً نموذجيا
وها هو يوآف غالنت – رئيس الأركان السابق : لم يعتذر حتى الآن على سرقة الأفكار. وهذا الأسبوع كسياسي جديد قلب جلده، وغير رأيه، وراح يشرح لماذا خرج مهزوماً.
يئير نافيه – نائب رئيس الأركان السابق : فصل بشكل واسع بعض الأعطاب الخطيرة التي حصلت من جانب الأوساط السياسية والعسكرية، وكيف ان الاستخبارات رأت أشجاراً ولم تر الغابة.
وايهود براك - الخيار السابق - الذي سكت لمدة سنتين فجأة غرد بالأمس من اعلى السماء، ماذا حصل لهم، ماذا حصل لهؤلاء الجنرالات القدماء الذين لا يتلاشون أبداً ودائماً يعودون بالقصص والتحسينات.
تسيبي ليفني ويائير لبيد اللذان كان كلاهما في الحكومة الامنية المصغرة وأسهموا في ادارة المعركة، -51 يوما لم يتكلموا -يخرجون الآن ويكشفون لنا أسراراً ويعرضون لنا القيادة العسكرية عارية. ألم يضعوا على رأس نتنياهو وعلى رؤوسهم تيجان «الإصرار والمسؤولية»
نفتالي بينيت وافيغدور ليبرمان تبولوا داخل الملجأ عندما أرعدت صواريخ القسام وشلت أفكارهم. إذن من بقي لتحمل مسؤولية تلك الحرب الساقطة.
ليس من المنطق إبقاء الصحفي روني دانييل جريحاً في الخلاء كما لو أنه الوحيد الذي لا زال يؤمن. لمن كانت تلك الحرب؟ إن لم تكن لتلك الضحايا الذين ذهبوا إلى الجحيم، ان لم تكن لسكان حدود قطاع غزة، الذين تلقوا الضربات كحماه ثم تركوا لمصيرهم، ان لم تكن للقائد العسكري الذي علق بجميع الغسيل الوسخ، لا يدري كيف يبيض «يوم الجمعة الأسود»، ام تكن للحاصلين على الأوسمة، الذي غطوا بأجسادهم على الزعماء فاقدي النصح والانضباط
في المرة القادمة لا تشتروا روايات الحروب من نفس المصادر ومن نفس الأفواه.
صحيفة هآرتس