مرة أخرى يعود السيد عزام الأحمد لفكرة إعلان غزة إقليما متمردا، القريبون منه يقولون أن هذه الثرثرة التلفزيونية تأتي في محاولات إرضاء الرئيس محمود عباس الذي رفض استقبال الاحمد في مقاطعته عدة مرات رغم التوسط والتوسل، ويبدو أن هناك من نصح الأحمد أن مهاجمة حماس وغزة الطريقة المضمونة لفتح قلب ومكاتب الرئيس عباس، حتى أن فكرة التمرد تغري عباس بعدما أعلن اكثر من مرة أنه لا يريد القطاع ولا أهله وسكانه.
لم يقتصر حديث عزام على فكرة إعلان الاقليم المتمرد بل اعتبر غزة كطائرة مخطوفة يجب استعادتها ولو تم القضاء على جميع الركاب الأبرياء، فهو يبرر أي عمليات تؤدي للإبادة الجماعية شريطة أن تعود غزة لسيطرته وسيطرة الرئيس عباس. فهم يريدونها خالية من حماس.
المشكلة الكبيرة تتمركز في عقلية بعض رموز السلطة في الضفة والتي تزين وتبهرج لنفسها اتخاذ قرارات أكبر بكثير من قدرة دولة إقليمية راسخة، فضلاً عن سلطة محدودة الوظيفة والإمكانات، وأقرب للمليشيا منها إلى السلطة، المضحك المبكي مع هؤلاء الأقلية المنعزلة في مقاطعتهم الأمنية أن منهم من يتوهم ويعيش بأحلام كبيرة، ويتخيل نفسه حاكمٌ وزعيمٌ في دولة لها حدودها الإقليمية والدولية الممتدة والمترامية الأطراف، وجيشها القادر على حماية زعيمه وفدائه بالأنفس والأرواح والمهج، فيعيش بنفسيته المريضة متناسياً أن أرضه محتلة ممن يحميهم ويوفر لهم الأمن مقابل تأمين سلطته وأكله وعيشته.
فعن أي إقليم تتحدث يا سيد عزام الأحمد؟ وعن أي تمرد وشرعيتك وتحركاتك مربوطة ببطاقة vip يمنحك إياها ضابط صغير مع راتب وامتيازات آخر الشهر، فالحديث عن إقليم متمرد هو نوع من العته السياسي يصيب من شاخوا وهم يتسلقون أكتاف الشعب ليجنوا ثمار مصالحهم الشخصية، ومن فشلوا في تحقيق الحد الأدنى لقضية شعبهم عبر عشرات السنين من الهزائم والنكبات، حتى انتهى بهم المطاف منسقين أمنيين مع العدو. إن المتمرد الشاذ والخارج عن الصف الوطني يا عزام، ليس من يقاوم ويقاتل، ويجاهد العدو، ويأسر جنوده، ويقدم قادته وجنوده شهداء بل هم آخرين اصبحت خيانتهم وجهة نظر كما قال السيد أبو إياد.
على حركة فتح أن تتدارك الانهيار الأخلاقي والوطني الذي يدفعها البعض إليه في لحظات سكر وغياب عن الوعي، خصوصاً بعدما غابوا عن الميدان الفعلي وانزووا في الفنادق واللقاءات العبثية مع المحتل وضباط مخابراته، وعليهم أن لا يسمحوا لتفكير قيادتهم الشاذ أن يقودهم إلى منازل الهلاك، يوصلهم إلى حيث حتفهم وخزيهم، ويجب ان يكون موقف صارم من هذا التفكير وهذه الاشخاص.
إن غزة بقيادتها وجمهورها وشعبها وأجهزتها الأمنية الآن، هي الوجه الحقيقي لحركة التحرر الوطني في فلسطين، وهي العنوان الشرعي الوحيد في هذا الزمن المائع، وعلى السلطة في رام الله إدراك أن غزة هي النواة الصلبة السليمة، والتي لا يمكن كسرها ولو اجتمع الكون عليها، لأنها تستمد قوتها من الله، وتتمتع بمد جماهيري أكبر من حدودها بكثير.