نعم، صدق الكاذب عندما وصف ما حدث على أنه تمرد وليس انقلابا، ولكن لم يكمل على ماذا تمردت غزة، نعم تمردت غزة على الفساد والظلم والفلتان الأمني والقتل على الهوية وعلى الإقطاعيات الأمنية التي كانت تمارس نظام قطاع الطرق في تهديد الناس وفرض الإتاوات وتصفية الحسابات ووضع حد للفوضى الأمنية والأهم من كل ذلك أوقفت غزة بتمردها ما كان يحاك ضد المقاومة والمقاومين على مختلف مسمياتهم وأشكالهم وحمت الشعب والقضية من الدمار والانهيار والتصفية.
والآن ننتظر أن تتمرد الضفة الغربية على ما تمردت عليه غزة، خاصة في ظل تصاعد عمليات البلطجة والخطف من الشوارع أو من المحال وأماكن العمل للمواطنين، الضفة اليوم تعيش تلك الأيام التي عاشتها غزة بل أسوأ بكثير؛ لذلك الحاجة إلى تمرد أوسع مما حدث في قطاع غزة رغم وجود الاحتلال الذي يعزز ويغذي حالة الفوضى والفلتان الأمني حتى يبقي سيطرته الأمنية على الضفة الغربية ويحرك الأجهزة الأمنية بالطريقة التي تخدم مصالحه وأهدافه.
لم يعد هناك أمن في الضفة الغربية والخطف والتهديد بالخطف والمطالبة بالأموال زادت والفساد والإفساد على أشده، الأمر الذي افقد المواطن أمنه وبات لا يأمن على خروج أطفاله وبناته خشية تعرضهم للخطف والقرصنة وطلب الفدية من عصابات الشوارع المُؤمنة من قبل الأجهزة الأمنية والتي شكلت هذه الفرق تماما كما تم تشكيل فرقة الموت التي كانت تتبع محمد دحلان، وفرقة الجحيم التي كانت تتبع الاستخبارات العسكرية وكان لغازي الجبالي فرقة أخرى وهكذا كان حال غزة عندما تمردت على الإجرام والمجرمين الذين حاولوا خطفها كما يخطفون الضفة الغربية اليوم ويعيثون فيها خرابا.
الضفة لا تقل تمردا عن غزة، والضفة لا ينقصها الرجال، والضفة صبرها قد يكون أوسع وأكبر من صبر غزة ؛ ولكن هذا الصبر يبدو أنه آخذ بالنفاد وأن تمردها على الحالة المستشرية في الضفة الغربية لن يكون بعيدا وعندها أين سيهرب الهاربون من تمرد وغضب الجماهير؟ هل ستسمح لهم الأردن بالهروب إليها؟ أو أن الكيان الصهيوني سيكون لهم ملجأ، خاصة وأن شعبهم ضاق بهم ذرعا لفسادهم وإجرامهم بحقه، فأرض فلسطين كالبحر تلفظ الميت الفاسد إلى خارج مياهه، وهكذا شعب فلسطين يصبر ولكن نهاية صبره مرة على من صبر عليهم لذلك انتظروا تمرد الضفة وسننتظر كيف ستتصرفون.
يبدو أن البعض لم يفهم بعد الشعب الفلسطيني ولم يستوعب درس تمرد غزة على الظلم والفساد ولم يتعلم ومازال ينتظر أن تقتل غزة التي وقفت في وجه أعتى مواجهة مع الاحتلال في ثلاثة اعتداءات لم يستطع الاحتلال وأعوانه من خلالها القضاء على القوة الحامية للمشروع الوطني التي بات الحالمون ينتظرون القضاء عليها من خلال تدخلات خارجية إلى جانب الاحتلال وأن يتعاملوا مع غزة ومقاومتها وقوتها كما يتم التعامل مع الطائرات المخطوفة، وما زال هؤلاء يحرضون على غزة ويتمنون أن تصبح بمفهومهم الخبيث أنها إقليم متمرد على سلطة (شرعية).
الضفة تعيش حالة غليان وحالة حراك شعبي لم يكتمل بعد، متمردا على ما يجري في الضفة من فساد عريض وبلطجة وفلتان أمني اتسعت رقعته ويتم بموافقة من محمود عباس الذي بات يلعب الدور الذي لعبه دحلان في فترة ما قبل الحسم الذي يسميه الأحمد تمردا، وستشهد الضفة الغربية عندما تمتلك من القوة التي يتحدث عنها الأحمد تمردا أوسع واشرس، وإن غدا لناظره قريب.