لم تمنع حالة الركود التي أصابت المفاوضات المتوقفة حاليا بعض الأطراف الدولية من التفكير مجددا ببذل محاولات أخرى لتجديد جولات التفاوض خلال الأشهر القادمة، والتي كان اخرها الحديث عن مساعي نروجية لـ "أوسلو" ثانية بعد اخفاق "أوسلو" الأولى.
جاء ذلك على لسان وزير خارجية النرويج بورج برندي والذي قال بأنه سيكون هناك جولة جديدة من المفاوضات بعد الانتخابات الإسرائيلية، كاشفا عن اتصالات مباشرة من قبلهم مع طرفي التفاوض.
سبق ذلك الحديث تصريح آخر لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري أكد فيه أن بلاده ما تزال مستمرة في مساعي عودة عملية التفاوض بين السلطة و(إسرائيل).
صفعات إسرائيلية
وتعثرت المفاوضات بين الطرفي الاسرائيلي والفلسطيني في مارس 2014 بعد انتهاء مدة الـ9 أشهر التي تم تحديدها كسقف زمني للتوصل إلى تسوية بين الجانبين لاستمرار دولة الاحتلال في النشاطات الاستيطانية، بالرغم من توقيعها على تجميدها في بداية المفاوضات.
تلا هذا التعثر العديد من الخطوات الأحادية بين الجانبين حيث توجهت السلطة لمجلس الأمن الدولي بمشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الـ67 خلال مدة 3 سنوات، وفشلت في التصويت لصالحه، لتتوجه مؤخرا للتوقيع على الانضمام لـ18 منظمة واتفاقية بينها اتفاق "روما".
الظروف السياسية التي تمر بها دولة الاحتلال حاليا ستكون مشابهة لما بعد الانتخابات خاصة أن هذه الجولة الانتخابية القادمة ستعيد انتاج حزب اليمين المتطرف في صدارة الأحزاب المرشحة داخل (إسرائيل) وفقا لاستطلاعات الرأي والتي منحته نسبا عالية.
ذلك الواقع كما يرى المحلل السياسي حسن عبد الله من رام الله لن يحرك شيئا في مياه المفاوضات الراكدة، معللا السبب أن جل برامج اليمين تقوم على أساس الايديولوجية الاستيطانية المرتكزة على توسيعه وتكثيفه في الأراضي الفلسطينية خاصة بالضفة المحتلة.
الجهود الأمريكية الأخيرة في معركة التفاوض برئاسة كيري أخذت فرصتها كثيرا وفقا لعبد الله، ليس ذلك فحسب بل تلقت سلسلة من الصفعات الإسرائيلية ما اضطر الجانب الفلسطيني إلى الاقتناع بعدم جني أي ثمن من تلك المفاوضات مع الاحتلال.
تجربة مسبقة
وأوضح عبد الله أن المفاوض الفلسطيني مع استمرار أزمات الوضع الراهن يدرك جيدا أن الاشتراك بجولات متعددة من المفاوضات في حال نجحت المساعي الدولية بعودتها ما هي إلا مجرد مضيعة للوقت ولن تصب إلا لصالح دولة الاحتلال من خلال زيادة وتيرة البناء الاستيطاني والتهويد وغيرها من الإجراءات التعسفية بحق السلطة والمواطن بالضفة.
في ضوء هذه المشهد القاتم، يؤكد عبد الله على أن الموقف الفلسطيني المعلن من قبل السلطة بات واضحا ويتركز في تلك الفترة على الجهود الدولية لاعتقادها بأن تلك الخطوات من شأنها خلق مشاكل قانونية جادة للاحتلال الإسرائيلي أمام الرأي العام العالمي.
لكن في حال نجحت الضغوطات الأمريكية وبعض الدول الأوربية كالنرويج على السلطة للعودة مفاوضات ورغم استبعاد عبد الله لتحقيق هذا السيناريو فإن المفاوض الفلسطيني سيعتبرها محاولة لعرقلة جهود وخطوات قيادته بالمحافل الدولية.
اضافة إلى عدم وجود أي مغريات وثمن تحصل عليه السلطة مع تواصل أزماتها المالية مع الطرف الإسرائيلي كي تقدم وبكل جرأة على المفاوضات من جديد خاصة مع وجود انتقادات شعبية وفصائلية لتمسكها بنهج التفاوض دون الالتفاف إلى مشروع المقاومة المسلحة الذي حقق انتصارات كثيرة اهمها في غزة.
المحلل السياسي عثمان عثمان قال من ناحيته أن المفاوض الفلسطيني يحاول أن يحصل على بعض الشروط مثل توقف الاستيطان أو الإفراج عن أسرى لتحسين صورته أمام الرأي العام.
وتوقع عثمان أن المحاولات الدولية لعودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لن تتوقف، كما أن الولايات المتحدة ستحاول تقديم أي شيء لثني الفلسطينيين عن الاستمرار في محكمة الجنايات الدولية.
بدوره أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية جميل شحادة أن الموقف الفلسطيني ثابت فيما يتعلق بالعودة للتفاوض وهو مرتبط بوقف الاستيطان والاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 وبرنامج محدد لإنهاء الاحتلال.
ومن المتوقع وفقا لمصادر فلسطينية أن تكثف الإدارة الأميركية جهودها لاستئناف المفاوضات بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية.