ما زال يتصاعد الجدل داخليا حول ملفات معطلة ومركونة على الرف، كالإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير والانتخابات والمصالحة المجتمعية، بصفتها جزءا رئيسيا من المصالحة الوطنية، وأوكلت مهام تفعيلها إلى حكومة الوفاق الوطني.
وبالبحث في عمق المسألة تجد أن الرئاسة الفلسطينية حاولت الابقاء على الحكومة دون أن تقدم على تفعيل الملفات الأخرى، رغم أن جميعها كانت من الأصل رزمة واحدة، وأن تطبق على مدى زمني، حيث كان من المفترض أن تؤسس الحكومة لإجراء انتخابات بعد نحو 6 أشهر من عمرها، بالتوازي مع اعادة احياء دور الإطار القيادي المؤقت للمنظمة.
وبهذا يبدو سقف توقعات بقاء المصالحة بشكلها الحالي أقرب إلى الانهيار منه إلى الصمود لمدة أطول، خصوصا أن حركة حماس لا ترجح الصمت كثيرا إزاء بقاء الكثير من الأمور العالقة على حالها، لا سميا وهي ترى أن الأداء الحكومي مرهون بيد مؤسسة الرئاسة.
وقال يوسف رزقة المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء اسماعيل هنية والقيادي في حماس، إن "الأوضاع الآن في منطقة الفراغ بين السماء والأرض"، وإن الرئيس محمود عباس يبقي الأمور معلقة في يده وهو لا يريد أن يذهب لانتخابات أو اصدار قرار بتفعيل الإطار القيادي المناط به.
وأضاف رزقة أن "حماس وغيرها من الفصائل وحتى عامة الجمهور لا يمكن أن يقبلوا ببقاء الأمور معلقة على هذا النحو، خصوصا فيما يخص القضايا المفصلية كالرواتب وتعطيل المجلس التشريعي ورهن تهيئة الظروف للانتخابات وتفعيل منظمة التحرير في يد الرئيس".
وكانت حركتا حماس وفتح توصلتا في ابريل الماضي لاتفاق يقضي بتشكيل حكومة وفاق وطني من مهامها: اتمام المصالحة المجتمعية، وتهيئة الظروف للانتخابات (الرئاسية، التشريعية، المجلس الوطني) وتفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير.
غير أن الحكومة التي جرى تشكيلها في حزيران الماضي، لم تلبث أن باشرت أعمالها في كل من غزة والضفة حتى شنت (إسرائيل) العدوان على قطاع غزة، الأمر الذي حال دون تنفيذ الكثير من المهام، وفق قول وزير الاشغال العامة والاسكان مفيد الحساينة.
وأكد الحساينة في وقت سابق لـ "الرسالة" أن الحكومة اصطدمت بعراقيل كبيرة منذ توليها المسؤولية، حيث اعترضتها قضية الرواتب، فيما جاء العدوان ليضع أمامهم مهاما جديدة تتعلق بإعادة اعمار ما دمره الاحتلال في العدوان الذي استمر 51 يوما.
في الاثناء، رجحت مصادر قيادية في حركة حماس، رفض رئيس السلطة محمود عباس وزعيم حركة فتح، تفعيل الملفات الاخرى المتعلقة بالمصالحة وخصوصا "الانتخابات"، نظرا لعلمه المسبق بتراجع مستوى شعبية حركته في الشارع الفلسطيني، وهو بذلك يخشى على عدد المقاعد التي من الممكن ان تحوز عليها حركته داخل البرلمان.
فضلا عن ذلك، فإن المصادر أشارت إلى تهلهل حركة فتح من الداخل على ضوء الصراعات القائمة بين تيارين منقسمين أحدهما يقوده عباس والاخر محمد دحلان القيادي المفصول من الحركة، "وعليه فإن عباس يرى الشروع في انتخابات في هذه المرحلة تحديدا قد لا يكون في صالح "فتح" كما قالت.
أما على صعيد الامتناع عن الدعوى المتعلقة بالتئام الإطار القيادي والذي كان من الأصل أن يضمن عدم حصر القرار السياسي في مؤسسة الرئاسة، فأكدت المصادر أن الرئيس أبو مازن ما زال يتفرد بالقرار لصالح خدمة اجندته المتعلقة بمشروع التسوية، خصوصا أنه يعلم مسبقا حجم الرفض الشعبي والفصائلي لهذا المشروع الذي لم يحقق أي نتائج على الأرض منذ أكثر من 20 عاما من عمر التفاوض.
في الأثناء حملت فيه حركة الجهاد الاسلامي، الرئيس عباس مسؤولية تعطيل الملفات المهمة كـ "الإطار القيادي المؤقت" والانتخابات.
وجاء على لسان القيادي خضر حبيب، أن أبو مازن هو من يملك مفتاح اعادة تفعيل الإطار القيادي، مؤكدا أن اعادة تفعيله في الوقت الراهن هو مصلحة فلسطينية، تمهيدا لاستكمال مشوار المصالحة الوطنية.
إزاء ذلك، طالب عضو البرلمان عن حركة حماس يحيى موسى، بضرورة عقد مؤتمر فلسطيني يجمع كل القوى الفلسطينية، حتى يصبح اطاراً مرجعياً للشعب الفلسطيني ويفرز قيادة تكون قادرة على اتخاذ قرار فيما يخص القضايا المصيرية.
وقال موسى "لا يمكن القبول بتعطيل مسار الشعب الفلسطيني وأن يبقى على قارعة الانتظار حتى يستفيق عباس من سباته (...) مطلوب ان تسارع كل القوى الحية الى تشكيل إطار معين يدعو لاجتماع مجلس وطني فلسطيني ويفرز قيادة جديدة، خصوصا أن عباس لا يؤمن بالشراكة ويحاول أن يضع كل مفاتيح المؤسسة الفلسطينية في يده".