وجد العلماء لغزا محيرا جديدا في كوكب المريخ -أحد أكثر الكواكب التي تمت دراستها في نظامنا الشمسي- وهو عبارة عن أعمدة هائلة من الهباء بارتفاع نحو 250 كيلومترا تم رصدها مرتين منفصلتين في المكان ذاته على سطح المريخ في مارس/آذار 2012 والثانية بعد ذلك بشهر.
ووفقا لنشرة صحفية لوكالة الفضاء الأوروبية (إي إس أي)، فإن أعمدة مشابهة من الهباء تم رصدها في الماضي، لكن أيا منها لم يتجاوز ارتفاعه المائة كيلومتر.
ويقول المؤلف الرئيسي لورقة البحث التي نشرت في مجلة نيتشر العلمية، أغسطين سانتشيز-لافيغا، إنه على ارتفاع 250 كيلومترا، فإن الحد الفاصل بين الغلاف الجوي والفضاء الخارجي رقيق جدا، ولهذا فإن وجود مثل هذا الهباء أمر غير متوقع للغاية.
وتتطور أعمدة الهباء هذه بسرعة فائقة، ففي ظرف عشر ساعات غطت منطقة تمتد على مساحة 1000 × 500 كيلومتر. وهي تظل مرئية لنحو عشرة أيام، وأظهرت عمليات المراقبة أن بنية هذه الأعمدة تتغير يوميا.
وتم رصد هذه الأعمدة من قبل فلكيين هواة، ولم يتمكن أي قمر اصطناعي يطوف حول الكوكب من اكتشافها بسبب كونها بعيدة عن مجال الرؤية في المدار الخاص بها، وظروف الإضاءة في ذلك الوقت.
وبعد هذا الاكتشاف عاد العلماء للبحث في صور التقطها تلسكوب الفضاء هابل بين عامي 1995 و1999 فوجدوا حالات عديدة مشابهة من أعمدة الهباء هذه كان ارتفاعها يصل إلى مائة كيلومتر. وواحدة من تلك الصور التي التقطت في مايو/أيار 1997 أظهرت بالفعل عمود هباء مشابه لذلك الذي رصده الفلكيون الهواة عام 2012.
ولا يجد العلماء حتى الآن تفسيرا علميا لسبب تكون أعمدة الهباء هذه لكنهم يملكون مع ذلك عددا من النظريات، ومن بينها أنها ناجمة عن تأثير انبعاثات شفقية، حيث تم رصد حالات من الشفق القطبي في المنطقة ذاتها من قبل، ويشيرون إلى حالة شذوذ قوي في المنطقة يمكن أن تخلق شفقا تبلغ إضاءته إشراقا أكثر ألف مرة من إشراق الشفق الذي يظهر في سماء الأرض.
ويؤكد العلماء في الورقة البحثية أنه بغض النظر عن أسباب أعمدة الهباء هذه فإن محاولة تفسير ما يحصل يتحدى فهمهم للغلاف الجوي العلوي للمريخ.
وتأمل وكالة الفضاء الأوروبية أن تساهم مركبتها المدارية "إكسومارس تريس غاز أوربيتر" التي يتوقع أن تصل إلى المريخ العام المقبل، بإلقاء بعض الضوء على هذه الظاهرة.
الجزيرة نت