يتنافس قادة الاحتلال (الإسرائيلي) فيما بينهم هذه الأيام بشراسة، لتحقيق أكبر المكاسب الممكنة في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.
رهان المتنافسين ينصب على غزة، "الحلقة الأضعف"، في هذه المنافسة، ظنا منهم أن المراهنة عليها سيدعم مواقفهم في الانتخابات.
ويرى مراقبون ومختصون في الشأن (الإسرائيلي) أن تصريحات قادة الاحتلال اتجاه غزة لا تعدو كونها "دعاية" لبرامجهم الانتخابية ليس أكثر، خاصة في ظل الوضع الداخلي والإقليمي.
وكان ووزير الخارجية "الإسرائيلي" أفيغدور ليبرمان، قد اعترف أن (إسرائيل) أخفقت خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة ولم تحقق أهدافها، قائلا: "إن الجولة القادمة مع حماس ليست سوى مسألة وقت".
وطالب ليبرمان بتوجيه (إسرائيل) عملية عسكرية ضد "أعدائها" كل عامين، داعيًا إلى تغيير توازن الرعب مع أعدائها لتتمكن من العيش بهدوء.
في المقابل اختلف معه وزير الحرب (الإسرائيلي) موشيه يعالون، وكانت آخر تصريحاته بأن الوضع في قطاع غزة بعيد عن الانفجار، لأن (إسرائيل) تعرف كيف تمارس سياسة العصا والجزرة إزاء حماس وتعتمد سلوكاً ذكياً ومسؤولاً. وفق قوله.
دعاية انتخابية
وإزاء ذلك، يعلق المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي علاء البطة بالقول: "التناقض في تصريحات قادة الاحتلال دعاية وبرامج انتخابية ليس أكثر، وتبقى تمنيات ليبرمان بعيدة عن الواقع في الفترة الحالية".
واتفق معه المحلل السياسي توفيق أبو شومر، في أن تصريحات الاحتلال مجرد دعاية انتخابية فقط، مبينا أنها ليست متناقضة وقادة الاحتلال متفقين سياسيا على كل شيء، فهناك تهديد لغزة في كل وقت.
وبحسب البطة، فإن (إسرائيل) تكبدت خسائر كبيرة في موضوع الديموغرافيا والهجرة المعاكسة خلال العدوان الأخير، وهو ما لم يكن متوقعا بعد أن شلت صواريخ المقاومة الحركة في الكيان، نتيجة ضرب الجبهة الداخلية التي كانت عصية أن تمس بهذه الكثافة من الصواريخ.
وخلص استطلاع للرأي أجرته صحيفة "يديعوت احرونوت" بعد العدوان على غزة إلى أن 30% من الإسرائيليين يفكرون في الهجرة، وهو ما يعده البطة أكبر مخاسر الجبهة الداخلية للاحتلال.
ويبين المختص في الشأن الإسرائيلي أن تلك التصريحات المتعلقة بغزة تعكس وجهة نظر اليمين الصهيوني بمختلف توجهاته وأصنافه، فكل واحد يعبر عن برامجه السياسية التي يسير عليها خاصة في فترة الانتخابات.
وبالعودة إلى أبو شومر، يؤكد أن الإسرائيليين ينظرون إلى غزة كملف انتخابي فقط، ولا يوجد خلاف سياسي حول ذلك، لأنه بحسب رأيه أن الناحية الأمنية داخل الكيان هي التي تجذب الجمهور والناخبين الإسرائيليين.
ويقول المحلل السياسي إن تصريحات قادة الاحتلال المتناقضة، إظهار للتعاطف مع الناخب الإسرائيلي بانهم قادرون على حماية أمن (إسرائيل)، لجلب أصواتهم في الانتخابات ليس أكثر.
وفي السياق، يعتبر البطة أنه لو لم يكن هناك انتخابات (إسرائيلية) قريبة لما كانت تلك التصريحات المتناقضة، وإن وجدت فتكون فقط لتبادل أدوار لتحسين الصورة أمام الجمهور الإسرائيلي.
الحرب مستبعدة
وتمرّ الأحزاب (الإسرائيلية) بانشقاقات وخلافات قبيل كل مرحلة انتخابية منذ ديسمبر 2005، حيث هناك انشقاقات من اليمين نحو الوسط، وانشقاق داخل اليمين نفسه بالتوجه نحو الوسط، لكن دون أن يؤثر ذلك على صنع القرار الصهيوني.
وعن احتمالية وقوع عدوان جديد على غزة قريبا، يرى البطة أن هناك أربعة عوامل استراتيجية تحكم ذلك، تتمثل في قدرة الجبهة الداخلية الإسرائيلية على تحمل صواريخ المقاومة، وقدرة حماس على الرد، بالإضافة إلى البعد الاقليمي والدولي ومدى استقرار الأوضاع في البلاد المجاورة للاحتلال.
واستبعد المحلل السياسي حدوث عدوان جديد على غزة إذا بقيت أسباب الحرب معدومة لدى الاحتلال الصهيوني، معتبرا ان المنطقة بعيدة عن حرب من 3 إلى 5 سنوات.
وكسابقه يستبعد أبو شومر أي خطوة تصعيدية على أرض الواقع من جانب (إسرائيل) إلا بعد الانتخابات، متوقعا أنه لن يكون أي عدوان جديد على القطاع في الفترة الراهنة.
وخلص المحللان إلى أن الرهان على قطاع غزة سيبقى مستمرا إلى حين إجراء الانتخابات الإسرائيلية في السابع عشر من مارس المقبل، وانتظار ما ستؤول إليه النتائج، مع بقاء الاحتمالات مفتوحة على جميع الأصعدة بعد الانتخابات.