قائد الطوفان قائد الطوفان

الزواج بالخارج .. "يا بتصيب يا بتخيب"!

(صورة أرشيفية )
(صورة أرشيفية )

الرسالة نت- محمد أبو زايدة

وكأنّ طاقة القدر فتحت أبوابها لمنال، بعدما تقدّم لخطبتها شاب مغترب في كندا، وبدأت ترسم خارطة الطريق لحياتها المستقبلية بتأنٍّ. وبعد مرور أشهرٍ من الزواج نفثت من عقلها أفكار لذة الغربة، وصارت تتمنى العودة إلى بلدها؛ بعدما تعرضت للعديد من الخلافات مع شريك حياتها.

وتقول منال -26 عامًا- "الغربة مُرة، كنت أراها بنظرة كما يصورها التلفاز، لكنّها موحشة، لا تجد من تشكو إليه، أو من يؤنّس غربتك في حال تعرضت إلى خلافٍ مع زوجك، فلا يمكنك إلا الاعتماد على نفسك قدر المستطاع".

لم تكن المكالمات الهاتفية تجدي نفعًا في كثيرٍ من الأمور لحلّ الخلافات، إلا أنّ حضور طفلٍ للزوجين خفف من حدّتها، "أصبح كل همّنا كيف نعلمه اللغة العربية عندما يكبر، ونزرع فيه الثقافة الإسلامية، وأحاول دومًا إقناع زوجي العدول عن الغربة والعودة لغزة". تضيف منال.

أما أم أسعد (39عامًا) التي أغرتها الغربة لألمانيا -منتصف التسعينات من القرن الماضي-، فلم تدم حياتها كما رسمتها منذ الساعات الأولى للتفكير بالاغتراب، فقد حدث ما لم يكن في الحسبان، "انفصالٌ بين الزوجين".

تقول أم أسعد، " كان عمري 19 عامًا عندما حضر لخطبتي شاب يدرس الهندسة في ألمانيا، حتى عشنا لـ(15 عامًا) من الغربة معتمدين على أنفسنا، وكان يضرب فينا المثل، لكنّ نزغ الشيطان دخل بيننا بعدما قدِمنا لغزة، فاختلفنا ثم افترقنا، واستمرت الخلافات بعد الانفصال على تولّي حضانة الأولاد".

زار الاثنان أهاليهم بغزة، وكان الأولاد برفقتهم، لكنّ الزوج اغتنم نشوب الحرب الأخيرة على غزة (2014) كفرصة من ذهب وطلق زوجته، و"هرب" مع أطفاله إلى ألمانيا، " لكنّي لحقت به وقدّمت قضية لاستعادة الأبناء، وما زلت أنتظر". تقول أم أسعد.

وتكمل: "حاولت التكيّف مع الغربة، ولم أشعر بها طيلة الـ(15عامًا)، بل عوّدتني الاعتماد على النفس(..) كنت أشعر بها بعد طلاقي وإقامتي لفترة داخل بيت أهلي"، معتبرة أنّ البعد عن تدخلات العائلة أبرز إيجابيات الغربة.

وتضيف "الزوجة لا تشعر بالوحدة في الغربة طالما وجدت زوجها بجانبها دومًا ويقدّرها، ويسد مسد جميع أفراد عائلتها في آنٍ واحد، ومتى فقدت ذلك، شعرت أنّها تعيش وحيدة في عالمٍ موحش".

الغربة "وحشة"

وفي حكاية أخرى لتغريد (27 عامًا) بدأت سردها بالقول "الغربة وحشة"، ثم أشارت إلى صعوبة الحياة خارج البلاد، "لأنّك تبدأ الاعتماد على نفسك من نقطة الصفر في وسط لا تعرف به أحد".

غربتان واجهتا تغريد، حيث سافرت من غزة للإقامة بالسعودية مع أهلها، ثم تزوّجت من شاب ألماني يقيم في برلين، تقول "اعتمدت على نفسي بعد ازدياد سفر زوجي بين البلدان الأوروبية بسبب أعماله، وأصبحت أقوم بالمسؤوليات الأسرية وحدي(..) تأقلمت على الغربة سريعًا، ففيها متعة المعرفة والاعتماد على الذات".

الأخصائية الاجتماعية عروبة جملة رأت أنّ الزواج بمجمله "يا بيصيب يا بيخيب" إن لم يكن مبنيًا على التفاهم بين الطرفين، سواءً كان في بلاد الغربة، أو بين الأهل.

واعتبرت جملة أن الخلاف بين أحد الزوجين في بلاد الغربة أكثر صعوبة لافتقاد الطرفين للاستشارات العاطفية من أقرب الناس إليهم (الوالدين)، ووقوف الأهل في صفّهم وتقريب وجهات نظرهم.

ودعت ممن توفرت لهن فرصة الزواج من رجلٍ بالخارج، بعدم التسرّع والارتباط به، بل التحرّي عن صفاته والتزامه وتعامله مع محيطه خلال غربته.

البث المباشر