يبدو أن السلطات المصرية قررت إطلاق النار على قدميها بإصرار محاكمها اعتبار حركة حماس "إرهابية"، خاصة أن القرار واجه رفضا محليا وإقليميا وحتى مصريا وهو الأمر الذي لم يكن بحسبانها.
وظهرت مصر معزولة بعد قرارها حتى من دول محورها، والتي اعتادت منهم الوقوف بجانبها؛ إلا أنهم فضلوا التزام الصمت هذه المرة أمام موجة من الانتقادات والرفض للقرار، حيث استنكر العديد من الدعاة وعلى رأسهم سعوديون القرار معتبرين أنه ينال من المقاومة.
كما أن مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، انتقد قرار المحكمة، مشيرا إلى أن "الكيان الصهيوني هو الإرهابي وليس حماس".
وفي المقابل فإن القرار لاقى قبولا وترحيبا (إسرائيليا) ما أحرج النظام المصري، الذي ظهر كالمتساوق مع الاحتلال.
وما زاد الطين بلة هو رفض العديد من الجهات المصرية للقرار رغم حالة الشيطنة التي يروج لها الإعلام، حيث أعرب المكتب الإعلامي لحزب "مصر القوية"، عن استنكاره لصدور حكم من محكمة غير مختصة باعتبار حماس حركة إرهابية، معتبرا أن الحكم يسئ إلى تاريخ مصر في دعم القضية الفلسطينية.
في حين قال عضو المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة إن محكمة الأمور المستعجلة غير مختصة بإصدار مثل تلك الأحكام لأنها خاصة بالشأن المصري الداخلي فقط، داعيا للطعن في الحكم.
وأكدت الجماعة الإسلامية المصرية أن حركات التحرر الوطني التي تقاوم المحتل لا يمكن وصفها بالإرهابية حين تناضل لنيل الحرية لأوطانها وشعوبها بحسب ما هو مقرر في الشرائع والقوانين والأعراف الدولية كافة.
حركة حماس من جانبها تخلت عن لغتها الناعمة في استنكار القرارات المصرية فجاء ردها مناسبا لمستوى التصعيد المصري وحالة الإصرار على وصم المقاومة بالإرهاب. فأكد صلاح البردويل القيادي في الحركة أن حركته لن تسمح للنظام المصري بأن يمسّ الفلسطينيين، مشددًا على أنها سترد على كل من يعتدي عليها كما ترد على الاحتلال.
وأمام تلك الحالة وجدت مصر نفسها مضطرة لكبح نفسها وتغير الجو السائد من خلال التقاط مبادرة حركة الجهاد الإسلامي وإشغال الإعلام بها رغم ضعف فرص نجاحها بحسب مراقبين. المراقبين دللوا على ذلك برفض مصر لمبادرات سابقة إحداها بادر بها القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان والذي يعد حليفا لها، كما رفضت طلبات بفتح المعبر حملها رئيس السلطة محمود عباس، تعلقت بالسماح للمعتمرين بالسفر.
وكان وفد رفيع من حركة الجهاد يضم أمينه العام رمضان عبد الله شلح، ونائبه زياد النخالة قد وصل إلى مصر بعد أيام من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي ان معبر رفح بإمرة “أبو مازن”، وأنه يتوجب أن تكون هناك سلطة كاملة للرئيس على المعبر الفاصل بين القطاع ومصر قبل فتحه.
وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي هاني البسوس أن النظام السياسي في مصر اتخذ قرارا سياسيا بإغلاق كل الأبواب في وجه حماس والتضييق عليها، معتقدا أن أي خطوات دبلوماسية من حماس لن تؤدي إلى تغيير القرار المصري.
فيما قال استاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة الدكتور مخيمر أبو سعده ان ما تقوم به حركة الجهاد خطوة إيجابية في ظل التوترات الأخيرة التي تشهدها علاقة مصر وحماس.
وتابع " كان لا بد من تدخل طرف ثالث ولكن هل تنجح الجهاد الإسلامي؟ وإجابة على السؤال قلل من فرص نجاحها في تخفيف حدة الاحتقان بين حماس والنظام المصري، متمنيا أن يكون للزيارة آثار إيجابية على سكان قطاع غزة كموافقة مصر على فتح المعبر والسماح للمعتمرين والعالقين بالعبور والسفر".
وترى مصر فيما يجري مادة صالحة للاستهلاك وشغل العالم للخروج من عزلتها وعودتها للواجهة في رعاية ملفات فلسطينية هامة خاصة في ظل تراجع حالة الدعم التي كانت تحظى بها من دول محورية كالسعودية.