الأسرى في كل مرة يملكون الجرأة والمبادرة، ويقدمون الدرس، رغم قسوة الظروف التي يعيشون فيها وسنوات العذاب التي عاشوها ولا زالوا، لكن يبدو أن لديهم ذهنية صافية لا تشويش فيها وقدرة على رؤية الأشياء بعيدا عن رؤى الآخرين المحكومة باعتبارات شخصية أو حزبية.
درس الأسرى الجديد القديم هو الوحدة، وحدة الموقف من معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضونها اليوم مع السجان الصهيوني، هذه الوحدة في الموقف والثبات عليه، والتي راهن العدو على أن لا تتحقق، وحاول إفشالها؛ ولكنه فشل، هي دليل عافية، ودليل وعي لمخططات العدو، الذي كان يراهن على الاختلاف لإفشال الإضراب عن الطعام، ولكن رهانه بات خاسرا، ولم يتمكن من الدخول إلى كسر الإضراب عبر باب الخلاف والاختلاف، واصطدم رهانه بإرادة صلبة من الأسرى، ووحدة فصائلية كانت جديرة بالاحترام والتقدير، وجعلت العدو في حيرة من أمرة، وبدأ بالتفكير في وسائل غير الاختلاف لكسر الإضراب، وسيفشل بإذن الله ،و سيجد نفسه مضطرا أمام وحدة الموقف والإرادة التي لا تلين للتعاطي مع مطالب الأسرى طالما تسلحوا بوحدة الموقف وصمدوا أمام ما يخطط له.
وحدة الصف، ووحدة الهدف، كانت الطريق نحو نجاح كثير من خطوات الأسرى ضد إدارة السجون والسجان، و الوحدة الفلسطينية لو تحققت على الأرض كما تحققت في السجون كفيلة أن تفشل على العدو ما يخطط له، لأن باب الاختلاف والصراع مكن وفتحه على مصراعيه مكن لهذا العدو من اختراق الصف الفلسطينية، ومن اللعب بنجاح على التناقضات والخلافات، فكانت سياسة فرق تسد جزء من اللعبة وجزء من المخطط الذي نعاني منه ولازلنا؛ ولكن الأسرى نجحوا في إقامة نوع من الوحدة حول قضايا مصيرية لهم، وها هم ينجحون، وبطريقة أو بأخرى يرسلون لنا هنا في الخارج رسالة تقول:" ألا يكفيكم خلاف وصراع، أليس فلسطين والقدس تكفي لوحدتكم"، هل هناك رسالة ابلغ من هذه الرسالة.
يا قوم أليس فيكم رجل رشيد، يتعلم من هؤلاء الأبطال كيف تكون الوحدة، وكيف هي ثمار هذه الوحدة، السنا أحوج ما نكون إليها في هذه الأيام العصيبة؟، ألا يكفينا ارتهان للمواقف المعادية لقضيتنا وشعبنا؟، الم يئن الوقت كي ننحاز إلى شعبنا وقضياه المصيرية؟، لماذا لا نفكر بوحدة الموقف ووحدة الصف كطريق نحو تحقيق الحقوق؟، والصمود أمام مخططات العدو، الم نقرأ قول الشاعر:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ......وإذا افترقن تكسرت أحادا
يوم توحدنا حول الهدف ما تمكن العدو من المس بثوابتنا، ولكن بعد أن أصبح البعض منا يسعى نحو مصلحته الحزبية ومصلحته الخاصة، وتفرقنا وتنازعنا بدأ العدو يكسر فينا واحدا تتلو الآخر ، ورغم ذلك لازلنا نصر على استمرار حالة الخلاف والانقسام.
نعم ، أيها الأسرى إنكم بحق من يملك الحكمة، ومن يملك الجرأة، وربما تملكون بعدا في النظر أكثر مما نملكه نحن، فمزيدا من الاتحاد ومزيدا من الصبر، وكونوا قدوتنا ووجهوا رسائلكم التي نحن في حاجة ماسة لها، عل تصل إحداها، كما وصلت وثيقة الأسرى وتنتج ما نتمناه، نعم الأهل أنتم ، أبطالا تتحدون السجن وتدركون سلاح التحدي ، وأحرار من قيد التبعية والمصالح الذاتية والشخصية رغم الأسر والسجن والسجان.