"ثياب مزينة بالتطريز الفلسطيني، نقوش وزخارف برّاقة، رسم وكتابة على الزجاج والخشب، أعمال فنية إبداعية لم تشاهدها من قبل"، لا تعرف من أين تبدأ وأين ستنتهي؟ لشدة جمال ما ستراه عيناك!
كل ذلك ستجده عندما تخط قدماك المعرض السنوي العاشر لمنتجات نساء فلسطينيات بقاعة الشاليهات على شاطئ بحر غزة. 51 زاوية تتوزع على جنبات المعرض، كل زاوية تروي حكايات وتفاصيل أنثوية ممزوجة بنكهة وطنية خالصة لا يقدرها إلا القليل.
وفي جولة سريعة كان عنوانها المتعة، تجولت في المعرض، الذي قد لا تجد لك مكانا فيه من شدة إقبال الزوار عليه، وتوقفنا عند زاوية "أنامل"، التي تشدك نحوها لا إراديا بسبب إبداع نادر خطته الريشة والقلم، وتوزعت ألوانه على الزجاج والخشب.
تطور
وبالحديث مع صاحبة الزاوية "سهير نصار"، التي استقبلتنا بابتسامة عريضة ثم قالت: "المعرض جميل ويكشف عن إبداعات مغمورة في المجتمع، وفنون جميلة تهتم فيها كل طبقات المجتمع".
وعبرت "سهير" عن سعادتها الغامرة لمشاركتها للعام الثالث على التوالي في هذا المعرض، معربة في الوقت ذاته عن ندمها لعدم المشاركة فيه منذ بداياته –قبل 10 أعوام-.
بدأت "سهير" فنّها، بالرسم على الزجاج "أواني البورسلان"، لكنها أرادت هذا العام أن تطور من نفسها، فقررت أن تشارك في المعرض بمشغولات جديدة تختلف كما وكيفا عما تعود عليه معجبيها. جديدها تمثل بخطّ كلمات عربية على الزجاج تعبر عن شكل فني تضيف عليه مزيد من الجمال والجذب، كما أن أنامل سهير وصلت إلى الخشب لترسم عليه وتلونه.
تركنا سهير لتستقبل جمهورها وأكملنا جولتنا في المعرض، فاستوقفتنا زاوية أخرى بإضاءتها الجذابة وألوانها البراقة، هذا الابداع تمثل في "الدهانات المضيئة" (أكمي لايت) على بعض المنتجات المعروضة.
فكرتها باختصار، كما شرحت دلال عاشور مديرة فريق "أكمي لايت" لـ ، يتم دهان المواد التي ترغب في إعطائها لونا مميزا بنوع خاص من الدهان، وعند تعرضها للإضاءة يشع ضوءا جميلا يجذب الناظرين.
الفكرة جاءت للشابة نتيجة الوضع المادي السيء لها وزوجها وأبنائها، بالإضافة لخبرتها في التصميم، فارتأت أن يكون لديها عملها الخاص حتى تستطيع تأمين حياة كريمة لأسرتها، مؤمنة بمبدأ "لا يوجد مستحيل".
وتبين "دلال" أن مشروعها لا يقتصر على الجانب الجمالي الراقي فحسب، لكن لها فوائد عديدة. كما تحدثت عن هدفها من المشروع، ان تكون مروجة لهذه الدهانات من خلال تطبيقها على جميع المواد الموجودة في العالم، مستغلة المعرض كفرصة للترويج لفكرتها.
إقبال كبير
وخلال حديثنا مع الشابة، تصادف لقاؤنا بوزيرة شؤون المرأة الدكتورة هيفاء الأغا على نفس الزاوية من المعرض، سألتها عن انطباعها ورضاها عن المعرض والحضور، فقالت: "جئت لأرى ابداع شاباتنا ونسائنا رغم الحصار والألم والمأساة، وشعبنا خلاق وقوي يخلق شيئا من لا شيء".
وأضافت الوزيرة على عجالة: "الحضور رائع وهذا يدل على أن شعبا، واعي ويؤيد ويناصر بعضه البعض، كما أنه يساعد المرأة المبدعة ويدعمها من خلال حضوره لمثل هذه المعارض".
وما يلفت نظرك في المعرض الذي بدأ يوم الإثنين الماضي وينتهي اليوم الأربعاء، أن معظم المشاركات من الشابات المبدعات، اللاتي يحافظن على نقل تراث فلسطين من جيل إلى جيل ويحاولن الابقاء عليه رغم كل المعيقات والتحديات.
أكملنا جولتنا في المعرض، وتوقفنا عند "مطرزات أصايل" التي ظهر عليها جليا أنها عمل فلسطيني خالص من الألف إلى الياء، وبالحديث مع صاحبة الزاوية مي النجار، قالت:" شاركت بالمطرزات لأنها مرتبطة بتراثنا وقضيتنا الفلسطينية وتعزز من بقائهما".
ومن المطرزات التي شاهدنها وهي نتاج يدي مي: (الكوفية، علم وخريطة فلسطين)، وشاركت الشابة في أكثر من معرض على مدار السنوات الماضية، "وتشعر أن كل معرض أفضل من سابقه في الحضور والاقبال".
ولم يخل العرس الوطني النسوي أيضا من أكلات شعبية، رائحتها تستميل الحاضرين، تدفعهم لا شعوريا للسؤال عنها أو تذوقها.
وفي آخر محطاتنا، تحدثنا إلى القائمين على المعرض (مركز شؤون المرأة)، والتقينا بمديرة المركز آمال صيام، التي قالت: "إن المعرض هو تقليد سنوي تنفذه شؤون المرأة ضمن الاحتفال بالثامن من اثار -يوم المرأة العالمي-، ويتيح فرصة للنساء صاحبات المشاريع بتسويق منتجاتهن وأنفسهن كصاحبات مشاريع، ونضعهن على أول خطوة من خطوات التمكين في المجتمع.
وبينت صيام إلى أن المعرض احتوى على أكثر من 51 مشاركة بين مشاريع فردية وأخرى محتضنة من جمعيات ومؤسسات نسوية.
وتطرقت خلال حديثها إلى التنوع الواضح في المشاريع المعروضة، الذي يعكس ابداع واضح للمرأة الفلسطينية وتحدي الحصار والاحتلال.
"الجمهور يزداد يوما بعد يوم، فكل زيادة في المشاريع يزداد تلقائيا عدد الراغبين في الاطلاع عليها ومتابعتها". تضيف صيام.
ويتضمن المعرض فقرات مختلفة غير الزوايا، وعنا تقول صيام: "كل عام لنا مجموعة من الفقرات تعرض على مدار الثلاثة أيام، وهذا العام طابعها كلها يتعلق بالفولكلور الشعبي الفلسطيني، انسجاما مع الحالة الفلسطينية الراهنة".
واختتم اليوم الثاني للمعرض بعرض للدبكة الشعبية تجمع حوله الجمهور، بالإضافة إلى بعض الأغاني التراثية التي تذكر بالأرض وحق العودة.