ترددت انباء عن وجود خلافات كبيرة أحدثت انشقاقاً في صف الأسرة الحاكمة في الكويت، على ضوء بلاغات متبادلة بين اثنين من “آل الصباح”، إضافة إلى رئيس مجلس الأمة الأسبق، جاسم الخرافي، وشخصيات نافذة أخرى في الدولة.
بدأت الخلافات، على حسب وصف صحفيين ومراقبين كويتيين نقلته عنهم “سي ان ان” عندما تقدم الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح ببلاغ إلى النيابة العامة، يتهم فيه كلاً من رئيس الوزراء السابق، ناصر المحمد الأحمد الصباح، وجاسم الخرافي، بـ”التآمر لقلب نظام الحكم”، و”التخابر مع دولة أجنبية”، وارتكاب “جرائم فساد” أخرى.
ورغم أن النيابة العامة، وبعد سلسلة تحقيقات ماراثونية فرضت عليها أجواءً من السرية، خلصت إلى حفظ التحقيق في القضية المعروفة باسم “بلاغ الكويت”، في 18 مارس/ آذار الجاري، إلا أن القضية لم يُسدل ستارها بعد، حيث أثار القرار حفيظة الشيخ أحمد الفهد، الذي أعاد إثارة القضية مجدداً، متهماً النيابة بـ”التقصير.”
واستندت النيابة في قرارها إلى تقرير الأدلة الجنائية انتهى إلى أن الأشرطة التي قدمها الفهد “غير أصلية”، ولكن الفهد قال إن الأدلة الجنائية فحصت أشرطة قدمها وزير الدولة، الشيخ محمد عبدالله المبارك، مخالفة للأشرطة التي سبق وأن قدمها إلى رئيس مجلس الوزراء بناءً على طلب من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح.
وذكر الفهد في بيان، نشره على صفحته بموقع “تويتر”، أن مجلس الأمة سبق وأن أكد أن “الأشرطة أصلية”، بحسب ما جاء في أحد التقارير التي قدمها المجلس إلى النيابة، لافتاً إلى أنه اطلع بنفسه على ذلك التقرير أثناء التحقيقات، كما لفت إلى أن الوزير المبارك “استعان بشركات أجنبية لم ينزل الله بها من سلطان.”
وتابع بقوله: “لقد قضيت أكثر من 100 ساعة في التحقيق، وأرشدت النيابة إلى حيث توجد الأدلة., إلا أنها لم تبذل أدنى جهد للتحصل عليها، و بعد أن عرضت عليهم أشرطة خطيرة، طلبوا مني التريث في تقديمها”، لافتاً إلى أنه قدم أيضاً أحكاماً صادرة عن محكمة سويسرية وأخرى بريطانية تثبت “صحة الأدلة.”
واستطرد بقوله: “يتضح جلياً أن نية الحفظ كانت مبيتة، وأن المبلغ ضدهم يمتلكون حظوة خاصة، تجعلهم يحسون أنهم فوق المساءلة القانونية ، بل تجدهم يستقبلون استقبال الفاتحين ومن خلال بوابة القضاء اثناء التحقيق معهم.. ولكني لن أكل ولن أمل ولن أدخر جهداً لضمان محاسبتهم، رغم أنف تلك الحظوة.”
واضاف الشيخ أحمد الفهد قائلاً: “لا أخفي عنكم أن تحريات أمن الدولة كشفت عن معلومات تربط بين ما تقدمنا به من أدلة ووقائع تم رصدها.. الأمر الذي يجعل المؤامرة أكثر وضوحاً، خصوصاً فيما يخص الاتصال بإيران وإسرائيل، وشراء أصوات الرئاسة في مجلس الأمة الحالي..”
وجدد إعرابه عن استغرابه من قرار حفظ البلاغ، بقوله: “لا أفهم إصرار النائب العام على استبعاد تلك المعلومات من التقرير، خصوصاً أن النيابة أذنت لضباط أمن الدولة بالحصول على كشف الاتصالات التي تخص محامي وإبن أحد المتهمين وسكرتيرة المتهم الآخر، والتي أكدت بما لا مجال للشك فيه، اتصالاتهم بإسرائيل وإيران.”
وأشار الفهد إلى أنه تقدم بـ”بلاغ تكميلي” ضد كلاً من الشيخ صباح ناصر المحمد، نجل رئيس الوزراء السابق، والسفير ضرار رزوقي، بشأن تورطهما في تحويلات مالية بمليارات الدولارات، وقال إن النيابة لم تقم باستدعاء أي منهما للتحقيق معهما، قبل أن تصدر قرارها بحفظ البلاغ.
من جانبه، قال لؤي الخرافي، المحامي الموكل عن والده، في تصريحات لـCNN بالعربية، إنه لم يتسلم حتى اللحظة رسمياً قرار النيابة بحفظ التحقيق في البلاغ المقدم من أحمد الفهد، لافتاً إلى أنه سيتوجه إلى جنيف في القريب العاجل لبحث “الخيارات المتاحة”، بشأن تتبع مصادر الأشرطة.
واعتبر الخرافي “الابن” أن “ادعاء أحمد الفهد بأن هناك نسخة من الأشرطة الأصلية مع محاميه في سويسرا، يجعله ومحاميه موضع مساءلة قانونية .. إن صح وجود تلك الأشرطة عليه أن يقدمها إلى الجهات المختصة، وإذا لم يصح ذلك، فإنه متهم بإذاعة ادعاءات كاذبة داخل وخارج الدولة.”
وتابع بقوله: “الإساءة إلى نظام وكيان الدولة، وأشخاص نكن لهم كل الاحترام، وبشكل خاص البيان الثاني الصادر من أحمد الفهد، يتضمن جرائم جديدة ارتكبها، بما فيها حد القذف والسب”، وأضاف أن “هذه الجرائم تعتبر من جرائم أمن الدولة، وليست فقط جرائم سب وقذف.”
واختتم المحامي الكويتي تصريحاته لـCNN بالعربية عبر الهاتف من الكويت بقوله إن “الطابور الخامس المسؤول عن بث الإشاعات والتسويق لأشرطة مزورة، يتعين ملاحقتهم بكل السبل”، ووصف من يروجون لتلك الأشرطة بـ”خفافيش الظلام”، وقال: “لو عندهم جرأة كانوا ذكروا أسماءهم بدلاً من الاحتماء وراء أسماء وهمية”، بحسب تعبيره.