لا يمكن لعاقل ان يتصور ان تمتهن فتاة لم تكمل عقدها الثاني الدعارة وفي مجتمع محافظ مثل قطاع غزة، لكن البحث خلف العنوان الكبير لقضية اليوم يكشف الكثير من الاسرار حول قصة "سمر" اسم مستعار والتي سجنت عدة مرات بسبب عملها في الدعارة.
وتعود تفاصيل القضية الى طفولة هذه الفتاة التي نشأت وترعرت دون أسرة تحتضنها ولم يكن لها سوى أخ فاسد كان يوجهها واختها الكبرى للعمل في الرذيلة والدعارة بمجرد أن أصبحتا في سن المراهقة ليكسب المال.
واعتادت سمر ان تترك منزلها أيام طويلة تتنقل فيها بين طالبي المتعة ما جعلها محل شبهة بعد ان اصبحت معروفة بعملها في الدعارة في منطقة سكناها، حيث كان يراها الجيران واهالي المنطقة بصحبة رجال كثر، ويلاحظون غيابها عن بيتها لفترات طويلة.
وفي احدى المرات تعرفت على شابين في بداية العشرينات واتفقت معهما على أن تمارس الفاحشة معهما مقابل 100 شيكل فوافقا واصطحباها الى منزل صديق لهما، وابلغاه انه بصحبتهم فتاة ويريدون مكانًا لممارسة الفاحشة معها.
لم يتردد الرجل في الاستجابة لطلب اصدقائه، حيث طلب من زوجته ان تغادر إلى منزل عائلته في الطابق السفلي لعدة ساعات بسبب زيارة أصدقاء له، وبالفعل امتثلت الزوجة لأمره دون ان تعلم حقيقة ما يجري.
وبعد ان انتهى الشبان الثلاثة والفتاة من جرمهم اتفقوا على الالتقاء مرة اخرى، لكن شاءت الاقدار ان يتم القبض على الفتاة قبل الموعد المحدد، واعترفت اثناء التحقيق معها بجريمتها دون انكار أو تهرب، كما اقرت بأسماء كل من شاركوها الجريمة.
وبمجرد ان ألقي القبض على الرجال الثلاثة أنكروا التهم الموجهة إليهم وانكروا معرفتهم بالفتاة لكن اقوال الفتاة التفصيلية أجبرتهم على الاقرار بجرمهم بعد أن واجهتهم النيابة بأقوالها.
ووجهت النيابة تهمة مواقعة انثى دون عقد زواج شرعي ضد المتهمين الثلاثة ووجهت ذات التهمة للفتاة، كما اتهمت شخصًا رابعًا كان يوجه الفتاة لهذه الأعمال تهمة قيادة انثى دون سن العشرين لمزاولة أمور مخلة بالآداب.
وفي جلسة المحكمة طالبت النيابة بتوقيع أقصى العقوبات على المتهمين جميعا لخطورة التهم الموجهة اليهم على المجتمع والتي تؤدي الى انتشار الفاحشة والرذيلة فيه.
لكن المحكمة أجلت النظر في قضية الشبان الاربعة، بينما جاء الحكم على الفتاة بالاكتفاء بمدة توقيفها بعد ان قضت مدة تتجاوز العامين والنصف في السجن.
وجاء قرار المحكمة بعد أن تزوجت الفتاة من شاب قرر أن يعقد قرانه عليها وان يصلح حالها بعد وساطات من أهل الخير الذين رأوا ان تزويج الفتاة سيجعلها تتوب الى الله وترتدع عن طريق الفاحشة والضلال.
وللتعقيب على الملف القضائي أكد أستاذ علم النفس الاجتماعي درداح الشاعر أن الزنا والدعارة ظاهرة لا أخلاقية تتعارض مع القيم الاجتماعية.
وبين الشاعر أن هذه الجرائم لها تأثير على المجتمع ككل لأنه في حال انتشرت الفاحشة ستموت القيم الروحية والأخلاقية ويشيع الفساد الأخلاقي والجنسي في المجتمع، مبينا أنه أخطر ما يؤثر على المجتمع شيوع الفاحشة.
وشدد على ضرورة حماية المرأة لنفسها من خلال المنظومة الداخلية للإنسان والتي يجب ان تكون على خلق ودين لذلك يجب على المرأة ألا تبالغ بزينتها ولباسها، لافتا إلى أهمية دور الأهالي في مراقبة بناتهم وتربيتهم على تقوى الله والاحتشام.
من جهته د. ماهر السوسي نائب عميد كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية عقب بالقول "الإسلام دين الفضيلة ويأمر بالتحلي بمكارم الأخلاق ومحاربة كافة الأسباب التي تؤدي لارتكاب الفاحشة والاعتداء على حقوق الآخرين عن طريق مجموعة من الأحكام الشرعية".
وأكد السوسي أن الزنا يعتبر من الكبائر التي حرمها رب العالمين، موضحاً أن عقوبة هذه الجريمة معروفة فاذا كانا محصنين تقع عليهما عقوبة الزنا وهي الرجم، وإلا فالجلد.