قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: التعليم العالي ومقاييس الجودة

مصطفى الصواف    

العبرة في التعليم العالي ليست بكثرة التراخيص الممنوحة من قبل الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم العالي، ولا يعني أن منح الترخيص لأي مؤسسة من المؤسسات من اجل العمل في مجال التعلم العالي هو استيفاء الشروط الواجبة لمنح التصريح نظريا وعلى الورق، بل من المفترض أن يتعدى الأمر الإجراء الشكلي في التوصيف إلى الإجراء العملي والفعلي على الأرض والمراقبة المستمرة.

حذرنا في الماضي من الفوضى في منح التراخيص لإقامة المؤسسات التعليمية الخاصة من جامعات أو معاهد، واشرنا أننا كمجتمع فلسطيني يجب أن نركز على النوع، والكيف، وليس الكم، ويبدو أن الأمر لم يتعد الكم للتراخيص الممنوحة، دون اعتبار لحاجة المجتمع إلى التخصصات المختلفة والمتكررة مع الأسف في غالبية الجامعات والمعاهد، سنوات وسنعاني أكثر مما نعاني من حملة شهادات في مستويات متعددة لن تجد لها مكان في سوق العمل، ولا ادري هل تشترط الوزارة دراسة جدوى من الجهات عندما تتقدم لمشروع تعليمي جامعي كان أو كلية متوسطة.

ودراسة الجدوى تدور حول حاجة المجتمع لهذه المؤسسة ونوعية التخصصات التي تحتويها والمنهاج الذي سيدرس، والمكان الذي ستقام عليه هذه المؤسسات، هل يصلح أن يكون جامعة للتعليم العالي أو معهدا متوسطيا؟.

وهل هذا المرخص الجديد سيعطي المجتمع حاجته من التخصصات المطلوبة؟، وهل سيكتفي بالتدريس النظري؟، أو أن هناك مساحة أوسع للتعليم التقني والتدريب من خلال المناهج وطرق التدريس والمختبرات اللازمة والضرورية التي تساعد على إتقان التعليم التقني والتطبيقي.

الحقيقة والتي لمستها بشكل عملي أن هناك أمور بحاجة إلى متابعة دقيقة من المسئولين عن التعليم العالي، لان غالبية الجامعات أو المعاهد المتوسطة ينقصها الكثير الكثير، ويجعلني أن أقول أن بعض التخصصات يجب أن تسحب من هذه الجامعات والكليات حتى تتوفر فيها شروط الجودة ، لأنه في نظرة متفحصة للواقع لا نجد من الأدوات التي تؤهل هذه الجامعات والكليات لتدريس بعض المواد وذلك  لغياب  التجهيزات في حدها الأدنى، وقد لا نجدها  إلا في جامعتين من الجامعات الموجودة، والبقية هي نظرية رغم شعار التطبيقية أو العملية في كثير من التخصصات.

 يجب أن تكون العبرة من التعليم العالي متعلقة بنقطة هامة جدا وهي جودة التعليم ، هذه الجودة اعتقد أنها مفقودة، وهذه نقطة بحاجة إلى انتباه والى دراسة حقيقية لدرجة الجودة في التعليم العالي، وهل هذه المؤسسات لديها مقاييس الجودة العالمي؟، وهل هي مطبقة في الجوهر لا في الشكل؟، و المنهاج هل هو خاضع للتقييم الجودة، وطريقة تدريسه والأدوات التي يجب أن تكون متوفرة حتى نحصل على جودة عالية حقيقية وليست شكلية تؤهل الخريجين لسوق العمل.

وهل يكفي أن نقول أن الإمكانيات لا تسمح؟، وان ظروف البلد فيها من التعقيدات ما يكفي، وهل هذه الأعذار كافة لغض الطرف عن فتح كليات جديدة أو تخصصات جديدة في الكليات، وهل هذه الظروف لا تجعلنا ننتظر حتى تتوفر البيئة الحقيقية لتعليم عالي ذو جودة عالية؟، وهل نأخذ ذلك في عين الاعتبار عند فرض الرسوم الجامعية للكيات العملية، وهي لا تتلقى أي تدريب عملي حقيقي، ثم نقول تخصصات عملية أو تطبيقية ورسومها مرتفعة لأن تكلفتها عالية؟.

قضايا كثيرة ونقاط بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم وتشديد للإجراءات ومتابعتها المتواصلة بطرق متعددة آخرها التقارير الرسمية الصادرة عن هذه المؤسسات، نحن نريد مؤسسات للتعليم العالي مختلفة عن المؤسسات التقليدية، بل نحن بحاجة إلى قفزة نوعية في التعليم العالي، تراعي ضوابط الجودة العالية في كل متعلقات العملية التعليمية من تخصصات ومن مناهج، ومن مختبرات، وكوادر ،ومن أماكن تحوي كل هذه المنظومة بشكل يقبله العقل والمنطق ويؤدي إلى تأهيل كوادر بشرية المجتمع بحاجة إليها.

البث المباشر