أزمة حكومية، أزمة مالية خانقة، حماس على شفا الانهيار، الحكومة أفلست، الرواتب تأخرت، الضرائب على جرار الغاز، ضرائب على مولدات الكهرباء، إسرائيل تريد إدخال سيارات ولكن هناك مشكلة من سيجني الضرائب حكومة غزة أو الضفة، سيل كبير ومتدفق تبثه أبواق مغرضة تهدف إلى زعزعة الأمن الداخلي والاستقرار المجتمعي، من خلال بث الشائعات المستمر وإسنادها إلى أنصاف الحقائق والمعلومات المنقوصة، يفعلون كم يدس السم في العسل، ويقتطعون ما يعزز ما يروجون من قضايا بأنصاف الحقائق، كمن يريد حرف آيات الله، عندما يستشهد بجزء من آية على أنه آية وأمر رباني فيقول ( ولا تقربوا الصلاة ) دون أن يكمل وانتم سكارى.
من قال أننا لا نعيش أزمة خانقة نتيجة هذا الحصار والتشديد عليه، ومن يقول أن الوضع غير مستمر في ظل التهديدات الصهيونية المتواصلة، من يقول أننا لازلنا نعاني من الفوضى الإدارية وعدم التنظيم الذي كان سائدا منذ سنوات طوال، من يقول إن الأمور لدينا وردية ولا غبار عليها.
قطاع غزة تحديدا البقعة الوحيدة في العالم التي تعيش أقسى الظروف دون منازع، ورغم ذلك تعيش لحظات من البطولة والتحدي، ما كان لها أن تكون لولا صلابة الشعب الفلسطيني، وحنكة القيادة الموجدة في القطاع، والتي تمكنت من إدارة الأوضاع رغم كل ما يحيط بها من إشكاليات بشكل فاق كل التصورات والتوقعات، ولازالت تقوم بواجبها على أكمل وجه.
أما بخصوص الرسوم والضرائب سواء من البلدية أو غيرها من المؤسسات التابعة للحكومة، فهي ليست بسبب ما يدعيه المغرضون بسبب إفلاس الحكومة، أو بسبب أزمة مالية؛ ولكن السبب هو تنظيم الأوضاع الداخلية بشكل يحقق العدالة والإنصاف والمساواة، لان هذه الأموال التي يتم تحصيلها الآن هي ليست لدفع رواتب موظفي الحكومة، أو تسديد النفقات منها، لان الحكومة تدفع مبالغ كبيرة للبلديات حتى تقوم بعملها على أكمل وجه، كما هو جاري الآن، وإنما من أجل تقديم الخدمات الأفضل للجمهور ممن تفرض عليهم هذه الرسوم أو الضرائب، ولكن هناك من لا يريد تنظيم الأمور الداخلية بشكل محترم، وبشكل يجعل الخدمات المقدمة أفضل، وأجزم أن هناك مجالا للتفاهم مع هذه المؤسسات المختلفة حول طريقة الدفع، والمبلغ المطلوب، وإمكانية التسوية والخصم والتقسيط، والتفاهم حول كافة الإجراءات والقضايا، وسيكون هناك مراعاة للظروف والأوضاع التي يعيشها قطاع غزة.
ترتيب الأمور وتنظيمها هو في المقام الأول خدمة للمواطنين وليس عقابا عليهم وعلى صمودهم وصبرهم، لان هذه المدفوعات تشعر الجميع بأنه جزء فاعل في المجتمع، ولا اعتقد أنها كبيرة بحيث تشكل عبئا مرهقا على كاهل من تفرض عليهم، فعندما يتم تحصيل 300 شيكل في السنة من قبل ورشة، أو محل للبيع كرسوم ترخيص أو غيره من قبل البلدية مثلا، أي بمعدل شيكل واحد يوميا، يمكن أن يكون ذلك مرهقا، علما أن البعض ربما يدخن في اليوم الواحد بعشرة شواكل على الأقل ، أو يشرب شاي أو قهوة بخمسة شواكل.
نحن نعيش في وضع استثنائي، ولسنا بقعة من الأرض تعيش نوعا من الترف، نحن كحكومة، وشعب، ومؤسسات نعيش الحصار، ونعيش الأزمة، ويجب أن نعيش التضامن؛ لان المصلحة مشتركة، وهي المجتمع، وتعزيز صموده، وتقوية إرادته لمواجهة التحديات، والتي قد تمس الكرامة والحرية، يجب أن لا نلتفت كثيرا إلى الإشاعات المغرضة وننظر إلى الأمور من زاوية المصلحة الوطنية العليا، وليس من زاوية التصيد في المياه العكرة كما تمارس بعض وسائل الإعلام والمغرضين في الشارع الغزي.