قائد الطوفان قائد الطوفان

رفح الفلسطينية تبكي تدمير شقيقتها المصرية

تفجير احد المنازل في رفح المصرية (محمود بسام)
تفجير احد المنازل في رفح المصرية (محمود بسام)

الرسالة نت - محمود فودة

تتجاور مدينتا رفح الفلسطينية والمصرية "كتوأم ملتصق"، لا يفصل بينهما إلا جدار وعدة أمتار، الأولى تحت الحصار الإسرائيلي والأخرى ليست أفضل حالًا فهي ضحية للإزالة عن بكرة أبيها ضمن خطة مصرية لإنشاء منطقة عازلة تفصلها عن الأراضي الفلسطينية بحجة مكافحة الإرهاب!

سكان المدينة الفلسطينية يتابعون بألم الأنباء الواردة عن أقاربهم في الشقيقة المصرية من خلف الجدار، إما عبر الانفجارات التي توحي بتدمير منزل جديد أو عبر اتصالات متبادلة شبه ضئيلة؛ لعدم وجود شبكات اتصال فعالة في الجانب المصري.

تمددت القرارات المصرية بشأن مساحة المنطقة العازلة بدءًا بـ500 متر وليس انتهاءً بـ2 كيلومتر، فالمصادر الإعلامية المصرية المطلّعة أكدت أن المنطقة العازلة ستمتد لـ5 كيلومترات أي ما يعني مسح مدينة رفح المصرية عن الوجود.

ارتباط المدينتين استمر على مدار العقود الماضية رغم رسم الحدود الفاصلة بينهما، فعلاقات القرابة والنسب ممتدة بشكل كبير بين العائلات في الجانبين كعائلة الشاعر وقشطة وزعرب وبرهوم وقبائل الترابين والسواركة والارميلات.

من فوق منزله الملاصق للحدود المصرية الفلسطينية، يُتابع أبو محمد قشطة "55 عاما" تفجير الجيش المصري لمنازل المواطنين في رفح المصرية، قائلًا: " أغلب أقربائنا ترحلوا من المنطقة، كنا نتواصل مع بعض في كل المناسبات، ونسلم على بعض عن بعد".

اعتاد المواطنون هنا في أحياء البرازيل والسلام وصلاح الدين رؤية أقربائهم في الجانب المصري عن بعد، بصعود الطرفين على أسطح المنازل، إلا أن ذلك انتهى فعليًا، بتدمير الجيش المصري للمنازل المصرية كافة القريبة من الحدود بمساحة 1000 متر.

وفي أثناء حقبة الأنفاق، كان الطرفان يتبادلان الزيارات في المناسبات كالأفراح والأحزان والأعياد وأيضًا، عبر التسجيل لدى هيئة الحدود الفلسطينية وفق ضوابط أمنية؛ منعًا لتحرك أي عناصر مشبوهة في الاتجاهين.

ويضيف قشطة في حديثه لـ"الرسالة": " أقرباؤنا ليس لهم أملاك في داخل مصر، أعمالهم وبيوتهم وأراضيهم في رفح المصرية، والى الآن مشردين في شقق بالإيجار"، مشيرًا إلى عدم التزام الحكومة المصرية بما وعدتهم إياه من تعويضات عن منازلهم التي دمرت.

وفي عام 2011 إبان الثورة المصرية تحديدًا، تحسن تعامل الجيش المصري مع ظاهرة الأنفاق، إلى أن تولد شعور حقيقي لدى سكان طرفي الحدود وكأنهما في مدينة واحدة، إذ أضحى الذهاب والإياب وشراء البضائع من الأمور السهلة والمعتادة.

ويرى مراقبون أن قرار السلطات المصرية الذي سيظهر للإعلام تدريجيًا بإزالة مدينة رفح المصرية كاملةً، بمثابة انقلاب على التاريخ الممتد بين فلسطين ومصر، عبر إفراغ ساحة واسعة ذات أبعاد مهمة للأمن القومي المصري والفلسطيني أيضًا.

وكما مدّت أهل الجارة المصرية الفلسطينيين بالمؤن والدواء حين اشتد الحصار الإسرائيلي وهاجمت آلة الحرب الإسرائيلية غزة، توّد الأخيرة لو أنها تقف لجوارهم في محنتهم الحالية، عبر إيوائهم أو تقديم المساعدات لهم، إلا أن تدمير الجيش المصري للأنفاق كافة، وإغلاق معبر رفح حال دون ذلك.

وفي ذلك، يقول الحاج أحمد برهوم "إن ما يجري لم يكن بالخيال، أن تدمر منازل أهلنا في رفح المصرية بهذا الشكل؛ رغم صبرهم على سياسة التهميش طيلة العقود الماضية".

ويضيف: " تمنيت لو بمقدورنا إيواء المتضررين في الجانب المصري كافة، وخصوصا من حي البراهمة، فالأوضاع الاقتصادية والانسانية لديهم صعبة للغاية بعد تدمير محالهم التجارية ومنازلهم".

وتعرض سكان المدينة المصرية للتهجير القسري من قوات الجيش المصري؛ بعد محاولات حثيثة للتضييق عليهم بقطع الكهرباء والماء والاتصالات والانترنت، وتقييد حرية الحركة، عدا عن فرض حظر التجوال في ساعات المساء منذ سنوات.

ويرى مراقبون أن آثار الخطة المصرية القاضية بإزالة مدينة رفح ستظهر على مدار السنوات القادمة؛ لما مثلته من تاريخ وحضارة لشعبين تجمعهما قواسم مشتركة كثيرة لا تكاد تذكر بجوارها تلك الإشكاليات التي تباعد بينهما.

البث المباشر