وسط مخاوف فتح واليسار من تهميش المنظمة

التحركات الدولية قد تُلقي بالسلطة خارج أي اتفاق بغزة

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس

الرسالة نت– محمود فودة

لم يعد خافيا على الأطراف الدولية والعربية تعطيل السلطة المتعمد للجهود الهادفة لتحسين الأوضاع الإنسانية بغزة؛ في سعيٍ دؤوب من الأخيرة لمعاقبة سكان القطاع على تمسكهم بخيار المقاومة.

وإن كانت بعض الأطراف الإقليمية تدعم توجهات السلطة في تعاملها السيء مع غزة؛ إلا أن أطرافًا أخرى عربية ودولية -ذات تأثير قوي- تسعى جاهدةً لإنهاء أزمات غزة العالقة منذ سنوات؛ طمعا في توفير مناخ هادئ لـ(إسرائيل) أولاً ولكي تتفرغ للأزمات الكبرى التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط.

وفي الوقت ذاته، تعمل السلطة في صمت على إبقاء شعرة معاوية مع غزة عبر زيارات بروتوكولية لحكومة التوافق لمدّ غزة المنكوبة بجرعات تفاؤل؛ خوفاً من أي اتفاق قد تتوصل له الأطراف الدولية مع حركة حماس قد يُلقي بالسلطة خارج اللعبة في ساحة غزة وفق قول مراقبين.

وقد تتكئ السلطة على قاعدة أنه ليس بمقدور أي فصيل فلسطيني تجاوز منظمة التحرير أو السلطة في إنجاز اتفاق يتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أن الرد على ذلك يبدو في إنجاز اتفاق التهدئة عام 2012 وصفقة وفاء الأحرار كخير دليل على قابلية تجاوز السلطة من قبل الأطراف كافة بما فيها (إسرائيل).

حماس الأكثر حرصا على وحدة الأرض الفلسطينية وفق ما يقوله قادتها، على عكس حالة التفريط بالأرض التي تتملك السلطة الفلسطينية، لم تظهر أي رغبة في تجاوز الاخيرة، بل ما فتأت تدعوها لتفعيل المصالحة وبما فيها وحدة القرار السياسي.

وبالرغم مما سبق، يرى مراقبون أن حماس قد لا تتمسك طويلا بنظرية استجداء السلطة الفلسطينية لتغيير سياساتها تجاه غزة، في إطار السعي الدائم للحركة لحل أزمات قطاع غزة بالوسائل كافة؛ أي ما يعني أنها قد تتجه لاتفاق من شأنه تحسين الوضع الإنساني دون الالتفات لتذمر السلطة.

وأرجع يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الحكومة السابقة إسماعيل هنية انزعاج السلطة من المساعي الدولية إلى الحالة التي تعيشها عبر تفردها بالقرار الفلسطيني طيلة العقود الماضية.

وترفض السلطة أي مساعٍ دولية أو عربية حقيقة تساهم في تغيير الحالة الفلسطينية الراهنة؛ خوفا من كشف إعاقتها المتعمدة للمصالحة الفلسطينية وحل ازمات غزة – وفق رزقة، وفي الوقت نفسه ترى أنها الوكالة الفلسطينية الحصرية في أي تحرك الدولي وإقليمي وعليه ستشوش على القنوات الدولية الواصلة حاليا مع غزة.

ويرى رزقة أن السلطة التي تتباكى على وحدة الأرض الفلسطينية لا تهدف من خلال هذه الحملات الإعلامية ضد حماس وتحسين الوضع بغزة إلا الحصول على مكاسب سياسية ومادية خلال أي اتفاق أو تحسن يطرأ في ملف غزة.

واتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة مع سابقه على عدم وجود أي خلل قانوني في أن تتجه حماس لعقد اتفاق دون السلطة الفلسطينية؛ نظرًا لقاعدتها الشعبية وثقلها في الساحة الفلسطينية، إلا أن ذلك لن يروق للسلطة على غرار انزعاجهم من اتفاق وقف إطلاق النار عام 2012.

وفي تخوف البعض من محاولات السلطة إفشال المساعي الدولية الرامية لتحسين الوضع بغزة، استبعد أبو سعدة قدرة السلطة على التأثير في اتجاه تعطيل أي مساع دولية بغزة؛ خصوصا إن كانت لـ(إسرائيل) مصلحة أمنية أو سياسية فيها.

وأرجع أبو سعدة تخوف السلطة من أي اتفاق إلى إمكانية خلق حالة من الفصل بين غزة والضفة، والأمر الأكثر أهمية هو أن تصبح حماس منافسة للسلطة في ساحة التفاوض، خاصة ان تمكنت من الحصول على نتائج أفضل على مستوى القضية الفلسطينية.

إضافةً إلى الحساسية من حالة الازدواجية التي قد تطرأ في الساحة الفلسطينية على صعيد التفاوض، بأن يصبح هناك طرفان فلسطينيان يتفاوضان مع الاحتلال وإن اختلفت الأساليب والمواضيع المطروحة وهو الأمر الذي تعتبره السلطة ومنظمة التحرير حصريًا لها.

ويبرز التخوف لدى السلطة من استثنائها كأبرز الأسباب الكامنة وراء الهجمة ضد حماس؛ نظرًا لان أي اتفاق يعني التهميش الفعلي للمنظمة وهو ما يظهر جليا من اعتراض اليسار الفلسطيني على ذلك، عدا عن تهميش دور السلطة وحركة فتح أيضًا – وفق أبو سعدة.

البث المباشر