تجاوزت الخلافات بين رئيس السلطة محمود عباس والقيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان الساحة الداخلية، إلى عدة دول اقليمية ابرزها مصر المتحكمة في معبر رفح، حيث يتصارع الرجلان على خنق قطاع غزة من خلال توطيد علاقاتهما بالقيادة السياسية في مصر ومحاولة تشديد الخناق أكثر على القطاع كجزء من المناكفات والخصومة بينهما.
معبر رفح أحد أوجه الخلاف بين الطرفين حيث يحاول كل منهما تقوية أواصر العلاقة مع مصر، واظهار انه بحكم علاقاته معها توسط لفتحه وتسهيل حياة الغزيين المحاصرين والمتعطشين للسفر لقضاء حوائجهم لكن الحقيقة ان الرجلان يلعبان دور واضح في تشديد الحصار على غزة.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مسؤول في هيئة المعابر لـ"الرسالة"، أن السلطات المصرية لا ترغب في التعامل مع عباس نظرًا لوجود المنافس الآخر دحلان، لكنها تجد نفسها مضطرة للتعامل مع الأول، لأنه يمتلك الشرعية أمام العالم كرئيس للسلطة الفلسطينية.
وقال المصدر إن السلطة برئاسة عباس تحاول إظهار نفسها أمام العالم والشعب الفلسطيني أنها قادرة على فتح المعبر بشكل دائم من خلال تواصلها مع الجانب المصري، لكنها لم تتمكن من تطبيق ذلك فعليًا على أرض الواقع.
وكشف المصدر أيضًا أن السفارة الفلسطينية في القاهرة لا تبذل أي جهود لفتح المعبر، بل إن سفير السلطة في مصر، جمال الشوبكي يسعى إلى فتح معبر رفح ليومين فقط، من أجل إدخال العالقين في الجانب المصري وليس فتحه بشكل كامل.
من جانب آخر تحاول السلطة احكام سيطرتها على معابر القطاع كافة للتحكم في حركة المسافرين والبضائع الواردة اليه خاصة معبر كرم ابو سالم، ويؤكد المصدر ذاته أن السلطة تسعى للسيطرة على معبر "كرم أبو سالم"، وهذا ما ترفضه حماس بالمطلق، مشيرًا إلى أن ما يتم جمعه من الضرائب على المعبر بنسبة 17% على البضائع يذهب لصالح الاحتلال الذي يحوله إلى السلطة.
وأوضح أن نصيب غزة من الضرائب على البضائع الواردة عبر معبر كرم أبو سالم هو 1%، وهي أساس دفع رواتب الموظفين، لكن السلطة تريد استلام المعبر حتى تحرم غزة من تلك الاموال.
معبر "إيرز"
وحصلت الشؤون المدنية مؤخرًا على موافقة من الاحتلال لسفر الطلبة العالقين في غزة، عبر معبر بيت حانون "إيرز"، وهذا ما مكن 35 طالبًا من الخروج عبر المعبر ومن ثم الاردن، ومن ثم التوجه إلى أماكن دراستهم.
خروج الطلبة عبر معبر ايرز لم يستمر طويلاً بسبب اشكالية جرت بين السفير الفلسطيني في الاردن، والشؤون المدنية حول من هو صاحب التنسيق مع الاحتلال، حيث اعتبرت الاردن ان تنسيق الطرف الفلسطيني مع الاحتلال الاسرائيلي هو تهميش لدورها ولذلك أوقفت كل الاجراءات المتعلقة بسفر الطلاب عبر اراضيها.
وبهذا الصدد قال المحلل السياسي نعيم بارود لـ"الرسالة" إن قرار الموافقة على سفر الطلاب عبر معبر "إيرز" أدى إلى وجود طرفين في السلطة بين مؤيد ومعارض.
إذن تزداد أطراف الصراعات، ويبقى المواطن الغزي هو ضحية تلك الصراعات التي تزيد معاناته.
غزة الضحية
تلك الأطراف المتصارعة تسعى للحفاظ على نفوذها، مع بقاء غزة خارج حساباتها، بل تزيد الضغط عليها، وفق محللين.
بارود أكد أن عباس ودحلان يشاركان بقوة في حصار قطاع غزة، بل يمثل عباس الجزء الأقسى من الحصار لأنه الذراع الحقيقية لـ(إسرائيل) في خنق غزة.
والواضح أن الطرفين لا يريدان أن ينفكا عن منظومتيهما، فعباس يتبع منظومة مصر وامريكا و(إسرائيل)، ودحلان يحاول أن ينافسه على نفس الخط، وفق بارود.
وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي طلال عوكل، قائلًا "كل طرف يحاول التضييق على الطرف الآخر، وإرضاء (إسرائيل) على حساب غزة".
وأضاف عوكل لـ"الرسالة": "لا أحد من الطرفين يعطي أي اهتمام لعذابات المواطنين في القطاع، فهما يسعيان إلى مصلحتهما الشخصية".
وتابع "لابد للأطراف الفلسطينية من الجلوس مع بعضها، نتيجة الظروف التي تمر بها المنطقة في المرحلة الحالية، خاصة في ظل الاشكاليات التي يمر بها الاحتلال الاسرائيلي".
وبالعودة إلى بارود، فإنه توّقع أن تشهد المرحلة المقبلة تكثيف الضغط من عباس ودحلان على قطاع غزة، خاصة وأن (إسرائيل) ليست معنية بفك الحصار، مضيفًا "مصر و(إسرائيل) تستخدمان الطرفين كأداة قذرة لتنفيذ سياساتها على الارض".