يبدو أن الأمل بتحسُّن العلاقات بين مصر وجاررتها غزة بات ضعيفا رغم الحديث لأكثر من مرة على لسان قيادات في حماس عن مؤشرات إيجابية، خاصة بعد الأحكام التي استهدفت 70 فلسطينيًا أحال القضاء أوراقهم للمفتي للمصادقة على إعدامهم.
ورغم تأكيد حركة المقاومة الإسلامية حماس لأكثر من مرة عدم تدخلها في أي شأن خارجي إلا أن هاجس جماعة الإخوان الذي تنتمي له وتعاديه السلطات المصرية سيقف بالمرصاد لأي علاقات بين الطرفين.
ويرى مراقبون أن القضاء المصري اختار الهروب للأمام من خلال التمادي في محاكمة أفراد من حماس لتكون كبش فداء تستخدمه لتثبيت التهم على الرئيس المصري محمد مرسي.
في حين يظهر التخبط في الأحكام الصادرة من مصر بحق حركة حماس غياب سياسة واضحة للنظام المصري تجاه جميع الأطراف وخاصة حركة حماس والذي يبدو ظاهرا للعيان أنه يتصرف بنظام ردة الفعل.
وتُرجح مصادر مصرية أن يكون الصراع الداخلي في مصر بين مراكز النفوذ المتمثلة المخابرات المصرية -التي كانت لها اليد الطولى ابان حكم مبارك- وعدد من القائمين على تحريك القضاء لقطع الطريق على أي علاقات بين حماس ومصر .
ويشار إلى أن هناك حديثًا دائرًا عن خلاف بين المخابرات المصرية التي لم تقطع تواصلها مع حماس بغزة، وكذلك المجلس العسكري والذي كشف الفريق سامي عنان -رئيس أركانه الأسبق- أن القوات المسلحة لم ترصد تسلل عناصر من حماس وحزب الله إلى مصر وقت ثورة يناير مؤكدا أن كل ما يتردد حول ذلك ليس مبني على معلومات وأنه لم يقبض على أي عنصر من حماس وقت الثورة.
محللون اعتبروا أن الأحكام الصادرة عن القضاء المصري قد تشكل فجوة بين مصر وحليفها الأكبر المملكة العربية السعودية والتي تمثل ردود فعلها السياسية أكثر اتزانا لذا فإن ما صدر قد يسبب إحراج لها خاصة في ظل انشغالها بتحديات أكبر في الإقليم.
الكاتب السعودي جمال خاشقجي والذي يعد مقربا من النظام السعودي غرد على تويتر مناديا بلده بالتحرك، معتبرا أن السكوت على ما يجري أكثر إيلاما من تلك الأحكام، قائلا " فنحن من بلد لا يقبل بالظلم".
ويرجح مراقبون أن القائمين على تحريك القضاء المصري هم أطراف لا يريدون لمصر ولا لعلاقاتها الخارجية الاستقرار، خاصة في ظل وجود ردود فعل دولية غاضية على الأحكام الصادرة من القضاء حيث قال مسئول بوزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة "تشعر بقلق عميق" من قرار محكمة مصرية بإحالة أوراق الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي للمفتي، معتبرا أن حكم الإعدام على مرسي يتعارض مع "سيادة القانون".
فيما وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان قرار محكمة مصرية بإعدام محمد بديع وآخرين من جماعة الإخوان المسلمين بأن "له دوافع سياسية" و"جائر على نحو سافر"، حسب تعبير المديرة التنفيذية للمنظمة.
ومن الجدير ذكره أن القضاء المصري لم يكلف نفسه عناء تغير أسماء المواطنين الفلسطينيين الموجودة في لوائح الاتهام والتي كانت قد أثارت ضجة سابقة في العديد من الأوساط نتيجة احتوائها على أسماء عدد من الشهداء والأسير حسن سلامة الموجود في سجون الاحتلال منذ 19 عاما.
ولم تكتفِ بذلك القدر من التخبط بل زادت الطين بله بتصريح المستشار شعبان الشامي قاضي محاكمة "وادي النطرون والتخابر"، والذي اعتبر أن ما قالته حركة "حماس" عن وجود اثنين من بين المتهمين الذين شملهم قرار الإحالة للمفتي، يوم السبت (16|5)، قتلوا قبل ثورة يناير بـ"الأقوال المرسلة".
وتساءل "لماذا لم ينشروا شهادات وفاتهم مع الخبر؟. لكن كل ما ينشر الغرض الأول منه هو الشوشرة على الحكم.