قائد الطوفان قائد الطوفان

الفنان بردع.. الريشة والبحر آمنتا بموهبته

رسومات الفنان بردع
رسومات الفنان بردع

الرسالة نت- محمد أبو زايدة

عائمٌ في بحرِ أفكاره على ميناء غزة، يُمسك بقلمه ليرسم سحر الطبيعة وبعض الوجوه التي جذبته.. رسوما يضع في ذيلها توقيعًا يحمل اسم الفنان مؤمن بردع.

" دومًا أتواجد في الميناء لرسم لوحاتي"، يقول الفنان بردع (18عامًا)، مُعبّرًا عن شعوره بالراحة أثناء استبدال النظر بين اللوحةِ وأمواج البحر.

ويصطحب بردع باستمرار لوحة بيضاء على ميناء غزة، وما أن ينهي رسمه حتى يعود أدراجه إلى البيت، ويعلّقها كـ"برواز" في أحد زوايا غرفته.

"الرسالة" جالست بردع أثناء رسمه للوحةٍ فنية، مقتربة من ريشته، لتتعرف عليه عن قرب.

"بدأت الرسم منذ كان عمري 6 أعوام"، يتحدث شارحًا تفاصيل الرسمة الأولى التي حاز بفضلها على جائزة من مدرسته، "شجرةٌ على شكل يدٍ معصوبة بعلمِ فلسطين، منبتة وردة مليئة بالأشواك، ما سبب للكف نزيفًا؛ إلّا أنّه رواها بدمه".

كانت رسمة عابرة رسخت في ذهنه، وبدأ بها من خلال مشاهدته لبعض الرسوم على شاشة التلفاز، أعطت إشاراتٍ لمدرسته بأنّ "مؤمن" يمتلك موهبة، ما دفعها للاعتناء بموهبته.

يضيف بردع " شقيقي كمال يهوى الرسم، وبعدما شاهد رسوماتي أصبح يحفزني عند انتهاء كل رسمة بعلبة ألوانٍ جديدة"، معبّرًا عن سعادته بإنجازاته التي أصبحت موضع فخرٍ أمام عينيه على جدران بيته.

توالت رسومات الفتى، وتعددت الجوائز التي نالها، ومع كلِ تحفيزٍ يقفز بإبداعه خطوة للأمام، حتى أتقن رسم الشخصيات، "بورتريه"، ما دفع بأصدقائه لطلب لوحاتٍ تحمل صورهم الشخصية بريشة وتوقيع بردع.

" أرسم "البورتريه" للأشخاص التي تشدّني وجوهها"، ويوضح أنه امتهن هذا العمل، وأصبح يفتح المجال لمن يرغب برسم صورته بقلمِ فحمٍ مقابل مبلغ بسيط، "لأعتمد على نفسي في شراء ألواني وورق الرسم"، وفق تعبيره.

 وفي صيف العام الماضي (2014)، وأثناء العدوان الإسرائيلي على غزة"، نزح مؤمن -الذي يقيم في حي الشجاعية شرق مدينة غزة- مع عائلته إلى إحدى مراكز الإيواء، تاركًا خلفه لوحاته التي أصبحت رمادًا بعد قصف الاحتلال لمنزله.

ويتابع "بمجرد أن وصلت مركز الايواء، باشرت برسم مجزرة الشجاعية"، وفي احدى صوره تتضح صرخات الرجال، وخوف النساء، والدخان الذي يغطّي من خلفهم معالم الحي.

أيامٌ على تواجده بين مئات النازحين في إحدى المدارس، حتى نظّمت مؤسسة مبادرة فريق لإعادة الابتسامة على وجوه الأطفال، فانضم له وتكفلت المؤسسة بتغطية ثمن الألوان، ورسم بريشته على الخيم التي نصبت في المدرسة التراث الفلسطيني.

"علمُ فلسطين، وامرأة في عنفوان الشباب ترفرف بوشاحها مسرعة نحو بيتها"، هي أحد رسومات بردع التي غطّت سواد أحد الخيام المنصوبة للنازحين فترة العدوان.

انتهى العدوان وعاد معظم النازحين إلى بيوتٍ بلا جدران، وأسرة الفنان بردع كانت إحدى هذه العائلات، إلا أنّهم استصلحوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا من منزلهم، وأقاموا فيه، ويعقّب مؤمن بالقول "أكثر ما أحزنني هي رسوماتي التي باتت رماد".

حاول مؤمن إعادة بعض رسوماته من خلال استحضار معالمها، ورسمها من جديد، ساعيًا لتغيير مكان الرسم واتخاذ الميناء مقرًا دائمًا لفنه.

" يستهويني الرسم على الميناء، لا سيما أثناء انقطاع الكهرباء.. وأحب رسم الطبيعة والفن التشكيلي، والبورتريه أحيانًا"، يقول مؤمن، مشيرًا إلى تطوّعه مع إحدى المؤسسات الداعمة للفن، والتي تكفلت بتوفير ألوانٍ ولوحاتٍ له.

معارض فنية محلية شارك فيها مؤمن، لكن طموحه يسوقه للسعي إلى حضنٍ يتكفّل بإبداعه، وينمّي من خلاله موهبته، لـيشارك في معارض دولية ويفتح معرضًا خاصًا باسمه.

البث المباشر