يبدو أن (إسرائيل) تسعى إلى تحقيق تهدئة طويلة الأمد مع قطاع غزة، من خلال تمرير رسائل مبطنة تحملها الوفود الأوروبية القادمة للقطاع، بالموافقة على بناء ميناء بحري من شأنه تخفيف الحصار المفروض منذ ثماني سنوات.
وكشفت مصادر دبلوماسية، أن أوروبيين وأمميين نقلوا لحماس رسائل تشي برغبة (إسرائيل) في إقامة ميناء بحري، أو ممر مائي للقطاع على العالم الخارجي، يكون بوابة للحركة التجارية ويخفف الخناق على القطاع.
وعلى ما يبدو أن تلك الرسائل التي تبعث بها (إسرائيل) تحمل في ثناياها أمورا عدة أهمها نزع فتيل الانفجار الوشيك في غزة، نتيجة استمرار الحصار المتواصل عليها منذ أكثر من ثماني سنوات، من جهة، والحفاظ على استمرار التهدئة بين الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي)، منعًا لحدوث أي حرب مقبلة.
محللون ومختصون في الشأن (الإسرائيلي) أكدوا أن دولة الاحتلال ليس لديها أي نوايا إيجابية اتجاه الشعب الفلسطيني، معتبرين ذلك "مجرد خطوات تكتيكية لتهدئة الأوضاع في غزة وفك الارتباط مع المعابر (الإسرائيلية).
وإزاء ذلك، فإن حركة حماس التزمت الصمت في الفترة الراهنة فيما يتعلق بهذا الشأن، ورفضت التعقيب على تصريحات الاحتلال.
تهدئة الأوضاع
المختص في الشأن (الإسرائيلي) محمد مصلح، أكد أن الاحتلال يسعى إلى تحقيق تهدئة طويلة الأمد، مع قطاع غزة، خاصة في ظل انشغالها بأوضاعها الداخلية بعد تشكيل حكومة نتنياهو الجديدة.
وبدا واضحًا أن (إسرائيل) غير معنية بخوض أي حرب جديدة مع قطاع غزة، والمحافظة على الهدوء بين الجانبين، خاصة بعد تلويحها بالموافقة على تنفيذ المطلب الفلسطيني ببناء ممر مائي في غزة، وعقّب مصلح على ذلك قائلًا "استمرار التهدئة في الوقت الراهن يخدم الطرفين، نظرًا لعدم جاهزيتهما لخوض أي حرب جديدة".
وذكر أن الاحتلال يحاول تحسين صورة حكومته الجديدة "المتطرفة" أمام العالم الغربي، مضيفًا "أن (إسرائيل) منشغلة في أوضاعها الداخلية، وتحاول تحسين صورتها من خلال التصريحات "الوهمية" بنيتها بناء ممر مائي في غزة".
وفي السياق، أضاف مصلح أن (إسرائيل) تسعى إلى تجزئة المشكلة الفلسطينية والتعامل مع غزة والضفة كل واحدة على حدة"، مشيرًا إلى أنه من مصلحتها استمرار التهدئة في الوقت الراهن.
رسائل مبطنة
وفيما يتعلق بتصريحات الاحتلال الأخيرة، فمن الواضح أنها تحمل رسائل مبطنة تشي بنيتها الحفاظ على ضبط النفس والهدوء مع حركة حماس في غزة.
وبهذا الصدد، فإن المحلل والمختص في الشأن (الإسرائيلي) حمد الله عفانة، قال إن الرسالة (الإسرائيلية) الأولى من ذلك مفادها "على حماس ضبط الهدوء في غزة، وإننا نحمل نوايا جادة، ولكن إذا انطلقت صواريخ من القطاع، فإننا سنوقف بناء الميناء".
وأشار عفانة إلى أن حكومة نتنياهو الجديدة غير معنية في تصعيد الأوضاع، خوفًا من فشلها مرة ثانية، وتكرار أحداث حرب الصيف الماضي، معتبرًا إجراءات الاحتلال "تكتيكا" لتهدئة الأوضاع وتأمين جبهتها الداخلية.
وبالعودة إلى اتفاق أوسلو الذي أبرم عام 1993م، بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) فإن من أحد بنوده بناء ميناء بحري ومطار في غزة تحت اشراف السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبناء على ذلك فإن عفانة أكد أنه لا يمكن لـ(إسرائيل) وحماس أن يقيما ميناء دون السلطة.
وإزاء ذلك فإن (إسرائيل) لم تخف رغبتها في فتح قناة حوار مع حماس، لبحث الملفات العالقة بينهما، دون تدخل السلطة، وعقّب عفانة على ذلك بالقول (إسرائيل) معنية أن تقيم علاقات مباشرة مع حماس وتجاهل السلطة، لتعميق الشرخ بين غزة والضفة".
وأكد عفانة أن (إسرائيل) تسعى من وراء هذه الخطوات إلى تعميق الشرخ الفلسطيني بين شطري الوطن من جهة، والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى.
وبالعودة إلى مصلح فإنه وافق عفانة الرأي بالقول (إسرائيل) غير معنية بالحل السلمي لقطاع غزة، ولا بتنفيذ اتفاقية أوسلو".