اتهمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الاحتلال "الإسرائيلي" بعرقلة جهود اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان؛ بمنعها من الوصول إلى قطاع غزة والوقوف على حجم الكارثة وجرائم الحرب والمجازر التي خلفها خلال عدوانه الأخير صيف 2014.
ودعت الحركة في بيان صحفي وصل "الرسالة" نسخة عنه، الاثنين، مجلس حقوق الإنسان بالإدانة الصريحة والواضحة للاحتلال لمنعه اللجنة من الوصول إلى مسرح الجريمة لمعاينتها وإجراء التحقيق المهني والقانوني السليم،
وطالبت بإعادة صياغة التقرير بما يتضمن كافة جرائم الاحتلال وإدانته بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية، وجرائم عدوان، والمطالبة بإحالته للمحكمة الجنائية الدولية حسب الأصول.
كما جددت دعوتها لإعادة صياغته بما يتضمن إدراج التوصيف السليم للمقاومة باعتبارها حركات مقاومة مشروعة ضد الاحتلال وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات والمعاهدات والإعلانات والمواثيق الدولية، ومراعاة دفاعها عن النفس والشعب الفلسطيني ضد العدوان الذي شنه الاحتلال "الإسرائيلي" على غزة.
ترحيب باللجنة
وقالت الحركة، إن عدم قدوم اللجنة لمعاينة مسرح الجرائم المرتكبة من قبل قوات الاحتلال رغم مطالباتنا المتكررة بضرورة قدومها لمكان مسرح الجرائم أدى إلى عدم وقوف اللجنة على حجم الكارثة وجرائم الحرب والمجازر الفظيعة التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني في القطاع أثناء عدوانه عليه.
وأكدت أن إعلان الاحتلال بعدم التعاون مع اللجنة يدلل على أنه وضع العراقيل أمام اللجنة للوقوف على حجم الجرائم التي ارتكبها في القطاع، مما يؤكد ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب وخوفه من افتضاح أمره على يد لجنة تقصي الحقائق.
وأشارت الحركة إلى أنها رحبت بتشكيل لجنة تقصي الحقائق والبدء بعملها وأبدت التعاون والتعاطي معها والاستعداد للرد على أسئلتها واستفساراتها، موضحةً أن طريقة تشكيلها واستقالة رئيسها (وليام شاباس) تحت الضغوط "الإسرائيلية" أثرت بشكل واضح على بنية تقرير اللجنة ونتائجه.
وأضافت: "على الرغم من أن الاحتلال رفض التعاون مع اللجنة، ولم يقدم لها أي معلومات، إلا أن سياق التقرير جاء مبرراً لجرائمه معتنقاً مزاعم الاحتلال حول بعض الوقائع التي نشرها عبر الإعلام، والمنافية لأبسط قواعد التحقيق العادل، فلا تبنى التقارير الصحيحة على ردود إعلامية احتمالية تلفيقها أكثر من صحتها".
ونوهت الحركة إلى أن صياغة التقرير فيه انحياز واضح لصالح الاحتلال وهذا واضح من غالبية البنود الخاصة به حيث جاءت تحمل مصطلحات التشكيك وعدم التأكيد رغم وضوح الأدلة والإثباتات لتلك الجرائم وعدم رد الاحتلال عليها.
كما أن العديد من البنود الخاصة بالمقاومة الفلسطينية كانت تحمل مصطلحات التأكيد وعبارات التهويل رغم وجود ردود دامغة بعدم صحتها.
خلط المهام
وفيما يتعلق بالتقرير، ذكرت أنه وصف قتل (6) مدنيين "إسرائيليين" بـ "نتيجة مأساوية"، في حين أنه قلل من شأن قتل (2251) فلسطيني ولم يصفها أنها نتيجة مأساوية، مما يدل على عدم الحيادية والنزاهة.
كما أن اللجنة خلطت بين مهمتها كجهة قانونية رسمية مكلفة بتقصي الحقائق وبين تدخلها في الوضع السياسي الفلسطيني، الأمر الذي يخرج عن نطاق مهامها المكلفة بها وذلك ثابت في مواضع عدة منها على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في فقرة 17 من الملخص التنفيذي لتقرير اللجنة.
ولفتت الحركة إلى أن اللجنة لم تلتزم بالمعايير الدولية في التمييز بين المدني والعسكري عند الحديث عن المقاومة المشروعة، حيث أن القانون الدولي الإنساني وضع معايير للتمييز بين المدني والعسكري وذكر أن العسكري له شروط وضوابط حتى يتم اعتباره عسكرياً ويمكن استهدافه.
في حين اعتبرت أن الاحتلال كان يستهدف العسكريين كأصل، وفي حال وقوع ضحايا مدنيين كان التقرير يطلب من الاحتلال ما يشير إلى أن الهدف عسكري، وهذا منهج تبريري غير قانوني وغير عادل ولا نزيه ولا منطقي من لجنة التحقيق، مما يؤكد عدم موضوعيتها ومهنيتها.
وقالت الحركة، إن التقرير أغفل الاعترافات الصريحة والواضحة والتصريحات التي أدلى بها الجنود والضباط "الإسرائيليون" خلال وبعد العدوان، -الذين أكدوا تلقيهم تعليمات وأوامر مباشرة باستهداف المدنيين-، وخير دليل على ذلك ما صرح به ضباط وجنود جمعية "كسر الصمت" وكذلك ما صرحت به وزيرة العدل شاكيد خلال العدوان من تشجيعها لقتل النساء وأطفالهن المدنيين.
إضافة إلى عشرات المعلومات الإعلامية التي تؤكد اعترافات جنود الاحتلال بارتكابهم جرائم حرب، متسائلةً: (فهل يا ترى اللجنة تأخذ المعلومات الإعلامية التي في صالح الاحتلال وتتجاهلها إذا كانت في صالح المقاومة وفيها إدانة صريحة للاحتلال؟).
الهلع أم الموت!
وأشارت إلى أن التقرير ذكر بأن الآلاف من المدنيين "الإسرائيليين" أصيبوا بالهلع نتيجة القذائف الصاروخية والأنفاق الفلسطينية، وأغفل ذكر أن سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليون وسبعمائة ألف شخص كانوا تحت مرمي النيران وأصيبوا جميعاً بالهلع وبكل الأمراض النفسية والعصبية من هول وفظاعة وبشاعة الجرائم الإسرائيلية على مدار الــ 51 يوماً.
كما شرحت الحركة أن التقرير ذكر أن الاحتلال اعتمد في قصف واستهداف الأماكن والمنازل تحذير السكان من خلال صاروخ تحذيري قاتل، واعتبر ذلك تحذيراً كافياً ومناسباً دون اعتبار ذلك مخالفة لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني وقوانين القتال، مستغربةً: (وهل يعقل أيها العقلاء أن يتم التحذير بصاروخ) أليس هذا نوع من الاستهتار بالإنسان وحقوقه؟؟ فضلاً عن تجاهل التقرير قصف وتدمير وشطب أحياء بأكملها بدون أي تحذير.
كذلك أوضحت أنه لم يولي الاهتمام باستهداف الاحتلال المواقع المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني كالمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء والمؤسسات الإعلامية وطواقم الدفاع المدني والصحفيين وغيرها، حيث استهدفت العشرات من هذه المرافق والمؤسسات المحمية، ولم يعطها التقرير الاهتمام القانوني المطلوب مع أنها تشكل خرقاً واضحاً وفاضحاً للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية.
تبرئة الاحتلال
وفي السياق نوهت الحركة إلى أن التقرير حاول تبرئة الاحتلال من الاستهداف المباشر للأماكن المحمية مثل المستشفيات ومراكز الإيواء بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) مدعياً تطوعاً أنه كان يستهدف محيطها فقط على الرغم من أن الاحتلال لم يتعاون مع اللجنة.
ودللت على ذلك باستهداف الاحتلال بصورة مباشرة واستهداف مستشفى الوفاء لرعاية المسنين ومستشفى شهداء الاقصى الحكومي ومدرسة بيت حانون التي كانت تؤوي النازحين والهاربين وغيرها من المرافق المحمية وما أكثرها.
وتابعت الحركة: كرر التقرير مصطلح ( دورة العنف ) بين الأطراف، وهذا ينزع الصراع من سياقه القانوني والتاريخي والسياسي والذي هو عبارة عن احتلال ومقاومة مشروعة ضد الاحتلال.
كما أنه لم يأخذ بالاعتبار أن حركة حماس قامت بتسليم الحكومة لحكومة الوفاق الوطني منذ تاريخ 2/6/2014م وقبل العدوان الإسرائيلي على غزة في 7/7/2014م، وترفض اعتبارها سلطة الأمر الواقع كما أشار التقرير.
وأكدت الحركة أن حركات المقاومة الفلسطينية وهي في مقدمتها بذلت كل ما يمكنها في كل الظروف العسكرية والأمنية الصعبة والإمكانيات الضئيلة لتجنيب المدنيين ويلات العدوان والدمار، حيث حذرت المقاومة المدنيين من التواجد في الاماكن العسكرية المستهدفة، مبينةً أن الاحتلال رغم ما يملك من إمكانيات تقنية ولوجستية عالية جداً، مما يمكنه من التمييز، إلا أنه تعمد استهداف المدنيين ورفع حجم الضحايا والدمار.
الدفاع عن النفس
وقالت الحركة إن التقرير أيضًا تجاهل أن الاحتلال "الإسرائيلي" هو الذي ارتكب جريمة العدوان وهو الذي بدأ بالعدوان الغاشم على غزة، الأمر الذي حذا بحركات المقاومة الفلسطينية الدفاع عن النفس ومقاومة هذا الاحتلال بما يتوافق وحقها القانوني بالمقاومة.
هذا ولم يعقب التقرير على الأسلحة التي استخدمتها قوات الاحتلال خلال عدوانها على غزة، في حين أن العديد من التقارير الدولية والحقوقية والطبية أكدت على استخدام الاحتلال لأسلحة محرمة دولياً كالقذائف الحارقة والغازات السامة والأسلحة الفتاكة، وأشلاء الشهداء والجرحى خير دليل على ذلك.
في حين أنه انتقد بشكل واضح صواريخ المقاومة العشوائية غير المميزة على حد تعبيره، كما أنه لم يعط الاهتمام الكافي بالجرائم والانتهاكات الاسرائيلية الصارخة المرتكبة في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
كذلك لم يذكر التقرير جريمة الاستيطان "الإسرائيلي" في الضفة والقدس وكذلك لم يذكر قضية الأسري الفلسطينيين باعتبارها جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي ختام البيان نوهت الحركة إلى أن ما ورد في البيبان ملاحظات أولية لحين الحصول على الترجمة العربية الرسمية للتقرير التفصيلي والنتائج التي يتوصل إليها مجلس حقوق الانسان بالخصوص من أجل الرد على كافة البنود وفقا للأصول.