قائد الطوفان قائد الطوفان

كيف يقضي مقاتلو نخبة القسام رمضانهم الأول بعد الحرب؟

خلال لقاء أجراه مراسل الرسالة مع جنود النخبة
خلال لقاء أجراه مراسل الرسالة مع جنود النخبة

الرسالة نت - معاذ مقداد

بخفة ظلٍ وحذر، يتنقل الملثمون من نقطة لأخرى، بين الأشجار، فوق الأرض أو تحتها، بصماتهم ما تزال في الميدان، وعيونهم شاخصةً نحو أرضهم المحتلة، على خطوط التماس ومن "مسافة صفر"، التقت "الرسالة نت" بمقاتلي نخبة القسام شرق خانيونس جنوب قطاع غزة.

بعد عامٍ من العدوان على غزة، يعود مقاتلو كتائب القسام بذاكرتهم لتلك الأيام التي شهدت أشرس المعارك البطولية بين أفراد النخبة وجنود الاحتلال، ويقضون ليلهم بين الأشجار على بعد بضع مئاتٍ من الامتار مع مواقع الاحتلال العسكرية.

لم يكن أحد هؤلاء الشبان الملثمون يتوقع أن يهلَ عليه هلال رمضان وهو على قيد الحياة، وبعد عامٍ على المواجهة المباشرة مع جنود الاحتلال "الإسرائيلي"، "الرسالة نت" التقت مجاهدو القسام وسألت عن رمضانهم الأول بعد معركة "العصف المأكول"؟.

يُحضر كل مقاتلٍ ما توفر من منزله لتناول وجبات السحور والإفطار مع بقية رفاقه، ويعلمون أنها لحظات أجرٍ عظيمة تخليهم عن لذة الحياة وأجواء رمضان برفقة أهلهم وأزواجهم، كما يقول أبو مالك -أحد مقاتلي النخبة القسامية.

ويروي أبو مالك تفاصيل الأيام الاخيرة للحرب، ويقول إن والدته كانت تنتظر وصوله البيت في كل لحظة منذ الحديث عن وقفٍ لإطلاق النار، فمع كل اعلانٍ عن شهيد تستمع بحذر خشية أن يكون نجلها أحدهم.

الاعداد الجسدي والمادي لمقاتلي القسام لم يكن بعيدًا عن اعدادهم المعنوي، وتهيئة عائلاتهم لأي مفاجئات في أيّ مواجهة مقبلة مع الاحتلال، ويعبّر أبو مالك عن قوة عزيمته ورفاقه المقاتلين في انتظارهم للحظات مواجهة الاحتلال، وعودتهم لميدان المقاومة مجددًا في رمضان الحالي، يثبت أن المقاومة بغزة لديها رجال أشداء.

أبو عبيدة -مقاتل في وحدة النخبة القسامية-، يتخذُ مع كل مقاتلٍ طريقه لميدان الرباط، بعد تجهّزه لمبيت ليلة السهر على حدود الوطن.

ويقول إن ذويهم وأمهاتهم وزوجاتهم، لم يفكروا للحظة واحدة في ثنيهم عن المضي قدمًا في طريق الرباط والمقاومة، وإن كانت النتيجة المتوقعة بدخول ابنهم المنزل محمولًا على الأكتاف في الحرب او ميدان الاعداد والتدريب.

ويودع أبو عبيدة زوجته وأمه بعد سماع عبارات الرضا والدعاء، متوجهًا صوب ميدان المقاومة، مع رفاقه المقاومين من أبناء القسام شرق خانيونس.

"ما إن أصِل المنزل، حتى تلتقفني والدتي بالأحضان والقُبل، ولعًا واشتياقًا لنجلها المقاوم بعد مرور ساعات رباطه في ميدان المقاومة"، يضيف أبو عبيدة، "ولا يوصف حينها مدى الحب والدفء الذي أضفته أمي رغم الارهاق".

وبرفقة المقاتلين، وعلى مسافة قريبة جدا تلمح رأي العين مواقع الاحتلال العسكرية فوق اراضينا المحتلة، وتسكن الطمأنينة قلوب المجاهدون في مواقع رباطهم، حيث يقول أبو عبيدة إنهم يضعون "رضا الله والوالدين، ثم تحرير البلاد والعباد) نصب أعينهم مع كل لحظة رباط.

****تبخر الأجساد!

انتقل بنا مقاومو القسام من نقاط رباطهم الى كمين أعده الشهيدين باسل الأغا وفادي أبو عودة، حيث خرج الاستشهاديَيْن من فوهة النفق واعتلوا آلية عسكرية للاحتلال، قاموا بتفخيخها بالمتفجرات وتدميرها كليًا.

وما يلفت الانتباه، تبخّر جسد الشهيد باسم الأغا بعد تفجيره الآلية، وهو الذي تمنى ذلك قبل ارتقاءه وكانت دعواته تصدح بذلك، كما يروي مقاتلو النخبة القسامية.

وخلال الحرب في رمضان الماضي، لم يلتقي المقاومون بذويهم على موائد الطعام ولا ولائم الافطار ، فبضع تمرات كانت تسد حاجة القسامي ليكمل مسيرة عمله الميداني.

ولا يغيب ذكر الوالدين والاخوة والزوجة والابناء عن لسان مقاتلي القسام، كما يقول أحدهم إن "لحظات فراقهم صعبة، لكن الهدف الأسمى الذي يعملون لأجله يخفف عنهم الاشتياق وحب المكوث بينهم".

"نتسابق إلى الموت في سبيل الله، وكلنا اشتياقًا للقاء العدو وقتله، (كفاحا مع الكفار في حومة الوغى وأكرم موتة في الوغى قتل كافر)"، بهذه الكلمات يختزل مقاومٌ آخر من أبناء النخبة القسامية حديثه عن أمنياتهم.

ويعرّج المقاتل القسامي على أهم ما يشغل بالهم، قائلًا: "يحمل مجاهدو القسام همًّا عظيما في قلوبهم وهو همُّ الاسرى، وأول ما يخطر في ذهن مقاتلو القسام حين مواجهة جنود الاحتلال هو أسر الجنود من ساحة الميدان حتى يحرروا الأسرى من سجون (إسرائيل)".

إذن فهم جنودٌ مجهولون، ترى أفعالهم قبل أن تسمع أقوالهم، ينتشرون على حدود قطاع غزة، كلٌ يحمل همًا عظيمًا، (تحرير فلسطين والأسرى، والانتقام من قتلة شعبنا الفلسطيني)، هم هكذا في رمضانهم الأول بعد الحرب.

البث المباشر