أحسنتم صنعا بقراركم وقف نشاط ما يسمى بحركة (الصابرين) ووقفها عن العمل في كافة المجالات واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تنهي أي نشاط لهذه الحركة التي ما كان لها أن تمارس أي عمل من البداية؛ ولكن أن يأتي متأخرا خيرا من ألا يأتي وتصحيح الخطأ هو دليل صحة وعافية.
هذه الحركة الغريبة على مجتمعنا في قطاع غزة والتي تحمل فكرا مرفوضا ولا وجود له في الساحة الفلسطينية عامة وغزة خاصة، إلا بعض المنتفعين من جهات خارجية من أجل إيجاد موطئ قدم لها، تحاول من خلاله نشر الفكر الرافضي والمرفوض من كافة قطاعات وشرائح المجتمع لأنه فكر عنصري شاذ غير سوي يريد أن يعمل على تخريب عقلية الناس وإيمانهم بدينهم الوسطي الذي يحترم ويقدر الصحابة والأئمة العظام أمثال أبي بكر وعمر وعلي وعثمان والصحابة الذين حملوا الدعوة وناصروا الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا الفكر الذي لا يجد مجالا للسب على السيدة أم المؤمنين إلا فعل وهذا كله من باب الحقد الأقرب إلى الكفر في كثير من الجوانب في الشريعة والأحكام الشرعية المنزلة من عند الله والمخالفة الصريحة للرسول عليه الصلاة والسلام.
إن ترك مثل هذه الحركات التخريبية والتي تريد نشر فكر مرفوض هو نوع من العبث على الصعيد العام وهو أيضا نوع من إحداث تشققات على الصعيد الخاص لبعض القوى الفلسطينية، ومحاولة البعض توظيف هذا الشقاق من أجل زرع الفتنة واستغلال ذلك من أجل تحقيق مصالح لبعض الدول، على حساب المصلحة العامة، وعلى حساب حالة الوئام القائمة في الساحة الفلسطينية، والتي تقوم على أساس وحدة الفكر والمنهج في العقيدة والدين، وهذا هو أساس أي عمل سياسي أو اجتماعي أو تربوي أو اقتصادي وحتى العسكري بما يحقق انطلاقا على قاعدة متينة.
حركة (الصابرين) هي أشبه بالمرض الذي إذا استشرى بجزء من الجسد يعمل على أن يمتد لكل الجسد لذلك اجتثاثه من البداية وقبل أن يستشري هو خير علاج، أما من يرى أن وضعه في مساحة صغيرة، ووضعه تحت الملاحظة والمراقبة يحد من نشاطه وتمدده ويحاصر بطريقة تؤدي إلى إنهائه دون إحداث أي ضرر، فهذا تفكير لا يصلح مع هذه الفئة ولسنا مضطرين للتعامل معهم بهذه الطريقة؛ ولكن هذا النوع من المرض إذا تمكن من مكان ما يصعب التخلص منه وسيشكل صداعا شديدا ويشغل الجميع في قضايا جانبية لسنا بحاجة لها لأن ما نواجهه يحتاج إلى كل الجهد والإمكانيات من أجل التصدي له، خاصة أننا نعيش الذكرى الأولى لمعركة العصف المأكول والتي قدمت نموذجا مشرفا لوحدة المجتمع وحدة الشعب خلف المقاومة بعيدا عن ضرب الأسافين وشق الصف وزرع الخلافات التي تشكل معول هدم في لحظة نحن فيها أحوج إلى متانة البناء وصلابة الموقف وأن نكون كالبنيان المرصوص.
من يقف خلف مثل هذه الحركات التدميرية عليه أن يقتنع ألا مكان لمثل هذه الأفكار وعليه أن يحترم طبيعة المجمع الفلسطيني وعقيدته وفكره وألا يلعب في هذه الساحة؛ لأن اللعب فيها ضار ومضيعة للكثير من الأمور، ومن يريد أن يقدم لفلسطين من أجل فلسطين أن يقدم دون أن يكون له أطماع بأنواعها المختلفة، فإذا كانت فلسطين تمثل لهم ارض وقف إسلامي وتحريرها بات فرض عين عليهم أن يجتهدوا في صناعة هذا التحرير كونه فرض عين وواجب على الجميع، أما أن تكون مساعدتهم من أجل تحقيق مصالح على حساب عقيدة أهل البلاد فأعتقد أننا في غنى عن هؤلاء مهما كان حجم مساعدتهم؛ لأن سلامة الدين والعقيدة أهم بكثير من سلامة كل الأشياء.
حركة (الصابرين) لا مكان لها في فلسطين لأن ارض فلسطين لا تقبل الخبث وتلفظ الخبائث فهي ارض طيبة لا تقبل إلا طيبا ولا يعيش عليها إلا الطيب، لذلك على الجميع أن يزرع الطيب حتى يحصد طيبا ولو مكث هذا الزرع في الأرض سنوات دون أن يثمر فسيثمر نباته لو بعد حين فهو طيب غُرس في ارض طيبة وسقي بدماء الشهداء وجبل بعرق المرابطين وأحيط بالصبر كسياج حام لهذا الوطن المبارك.