قائد الطوفان قائد الطوفان

يهوى بريق الماضي

خمسيني غزي يجمع سيارات مهترئة طوتها الحداثة

غزة-خلود نصار

نفض الخمسيني محفوظ الكباريتي الغبار عن تراث طوته الأيام، من خلال هواية جمع السيارات البالية التي اكل عليها الدهر وشرب.

ويعمل الكباريتي وهو صاحب متجر في مدينة غزة، على جمع السيارات الأثرية القديمة التي كانت زمن الآباء والأجداد واندثرت بتطور الأجيال وزيادة الهوس بالسيارات الحديثة.

ويعدد الكباريتي أسباب اهتمامه بجمع السيارات القديمة فقال: الهواية أولا والولع بالسيارات ثم أوقات الفراغ التي لا أحب أن أقضيها إلا بكل ما هو مفيد ومميز.

ويضيف أنه شارك في بداية الأمر في معرض للوحات الزيتية عن الانتفاضة بعام 1991 إلا  أن ولعه بجمع السيارات سيطر عليه.

وتشغل السيارات القديمة وقطع السيارات ومعدات التصليح حيزا كبيرا من بيت الكباريتي حيث استغل المساحة الفارغة في المنزل لحفظ السيارات وإصلاحها والاعتناء بها، وبات أشبه ما يكون بمعرض للسيارات القديمة.

سيارات أُثرية

وكان من أغرب تلك السيارات شكلا هي سيارته( 8 Standard) زرقاء اللون والأصغر حجما بينها، ويقول الكباريتي عنها أنها الأقدم في فلسطين فهي تعود لعام 1936 "فيذكر أنها كانت عبارة عن هيكل، نصائح من حوله من أصدقاء بتركها لاستحالة إصلاحها جعل الكباريتي يصر على نفخ الروح فيها فبحث عن قطعها بين المدن حتى أعاد تشغيلها من جديد.

واحتوى "كراج" الكباريتي على عدد كبير من السيارات و الشاحنات والدراجات النارية التي تباينت سنوات صناعتها بين الأربعينات والخمسينات والستينات والتي اختلطت ألوانها بالصدأ و الغبار.

أما السيارة الأمريكية (Oldsmobile)حمراء اللون سبعينية الصنع، اللافت للنظر في هذه السيارة أنها تحمل بطاقة كتب عليها (ملاكي غزة) فيقول الكباريتي عنها: "يسعد الناس بالسيارات أثناء تجوالي بها حفاظا على محركها من الصدأ فتختطف هذه السيارات عيون الناس و خاصة كبار السن الذين تدمع عيونهم لأنها تذكره بالماضي والحنين إليه.

ويلفت النظر إلى رغبة بعض الشباب بأن يزفوا في واحدة من هذه السيارات في أفراحهم، معربا عن سعادته بمثل هذه الطلبات التي "تعبر عن فكر شباب ناضج متفتح".

يشغل هذا العمل معظم وقت الكباريتي ومجهوده حيث يضطر كثيرا إلى إصلاح بعض الأشياء بنفسه، فإرادته القوية تسمح له بإصلاح وتجميع بعض السيارات المنقرضة من السوق الفلسطيني حتى لو طالت المدة والتي قد تصل إلى 3 سنوات.

ويذكر الكباريتي أن هذا العمل قد يكون غريبا إلا أن هناك الكثير من المبدعين المهتمين بمثل هذه الأعمال، ويقول "من خلال عملي هذا أحييت تراثا قديما دفن منذ سنين".                                  

أهداف سامية

ويرى الكباريتي أنه "من خلال هذا الأعمال يتمكن الكثير من الشباب من تفريغ طاقاتهم ووضع بصماتهم بشكل إيجابي وتنمية هواياتهم ومواهبهم، وكذلك يمكن أيضا للمهتمين والمتعلمين في بعض الأقسام  مثل هندسة السيارات التعرف على السيارات وتكوينها وتطور أجزائها بتطور أجيالها".

ويبين الكباريتي أن حصوله على هذه السيارات لم يكن بهذه السهولة، حيث استغرق الكثير من البحث والتحري عنها، لافتا إلى أن بعض العائلات جاءته لتبيع سياراتها الأثرية دون غيره، "وذلك لاطمئنانهم عليها بأنها ستكون في أيد أمنية محافظة على التراث وتعطيه بالغ الاهتمام".

ويتصفح الكباريتي مواقع الانترنت للإطلاع على هيكلية بعض السيارات والمنشأ وأيضا للتعرف على بعض القطع الناقصة للبحث عنها.

وبعد أن يظفر الكباريتي بشراء سيارة ما يبدأ عمله بفحصها كاملة وتحديد ما ينقصها من تصليحات سواء في هيكلها الخارجي، الإطارات، المحرك ، الفرش الداخلي، وإن احتاجت السيارة لتعديل بعض ألوانها فإنه يلجأ لابنه حبيب 18 عاما نظرا لذوقه الرفيع ومساعدته المستمرة منذ طفولته كما يعلق الأب بفخر تعلوه ابتسامة.

يقول حبيب الطالب في كلية الهندسة "منذ أن فتحت عيناي على الحياة ووالدي يعمل على جمع السيارات، فأصبحت مولعا بها مثله تماما"، مشيدا بعمل والده المميز.

صعوبة الحصول

وعن الصعوبات التي واجهها، ذكر الكباريتي أن غياب جهات داعمة كان من أكثر الصعوبات التي واجهته إضافة إلى الصعوبة في الحصول على قطع الغيار اللازمة لهذه السيارات التي لم يعد لها وجود.

وقال: "بمساعدة أصدقاء ومهتمين في دول مجاورة كنت أجلب بعض القطع، "لكن الحصار بات عائقا كبيرا أمامي حيث منعني من التواصل كالسابق مع العالم الخارجي"، متمنيا فتح المعابر حتى يتمكن من جلب قطع الغيار اللازمة.

ويطمح الكباريتي بعد 16 عاما من العمل، أن يؤسس متحفا لاحتضان السيارات القديمة، وليكون حافزا لتشجيع الشباب على تحقيق مواهبهم.

قد تكون أولى الخطوات لرعاية مثل هذه الأعمال المعرض الذي سيقام بدعم من وزارة المواصلات في مطلع الشهر القادم لعرض السيارات القديمة في القطاع  التي يمتلكها الكباريتي وغيره من المالكين والذي سيحوي ما يقارب 20 سيارة أثرية قديمة.

 

 

 

البث المباشر