وجّهت الأجهزة الأمنية في غزة ضربة موجعة لمجموعات اللصوص وقطاع الطرق التي تورطت في الاستيلاء على شاحنات المساعدات على طريق صلاح الدين بين محافظتي خانيونس ورفح جنوب القطاع
الضربة الأمنية التي وجهتها وحدة "سهم" التابعة لوزارة الداخلية في غزة بالتعاون مع لجان شعبية، جاءت في الوقت الذي تعالت أصوات النازحين بضرورة الضرب بيد من حديد على كل من يتطاول ويسرق المساعدات ويبيعها في الأسواق بسعر مرتفع جدا.
وضربت المجاعة خيام النازحين في جنوب قطاع غزة على إثر سرقة "اللصوص" شاحنات المساعدات المحملة بالطحين والمواد الغذائية التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، ما تسبب في شح هذه السلع الغذائية من مخازن الوكالة.
فيما عمل سارقو الشاحنات على بيع السلع الغذائية التي يجري سلبها من الشاحنات في الأسواق بسعر مرتفع جدًا، ما تسبب في حالة مجاعة حقيقية بين النازحين، لدعم قدرتهم على شراء هذه السلع الغذائية.
ونفذت وزارة الداخلية في غزة أمس عملية أمنية بالتعاون مع لجان عشائرية استهدفت مجموعات قطاع الطرق واللصوص ما أوقع نحو 20 قتيلاً وعشرات الإصابات.
تأييد شعبي
وبعد ساعات من توجيه وحدة "سهم" التابعة لوزارة الداخلية بغزة ضربتها الأمنية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تؤيد الأجهزة الأمنية بحملتها التي تعتبر مطلبا شعبيا.
وأيّد النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي دور الأجهزة الأمنية في غزة بحفظ الأمن وتأمين شاحنات المساعدات التي تذهب لوكالة "الأونروا"، مطالبين بتشديد القبضة الأمنية على كل من يحاول العبث بالأمن المجتمعي في غزة، مستغلاً حرب الإبادة على أبناء شعبنا الفلسطيني.
المواطن علي الزعلان كتب منشورًا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قائلًا: "ثبت أن عصابات سرقة سيارات المساعدات تتعاون مع الاحتلال وهذه القضية كانت ومازالت إحدى أهم القضايا التي يعاني منها سكان قطاع غزة".
وطالب بملاحقة التجار الجشعين الذين يتعاونون أيضاً مع الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر بوعي أو بخسة ونذالة.
وعبر عن رأيه بعد إعلان الداخلية بضرب مجموعة من "لصوص" المساعدات، قائلًا: "الخبر أدناه بداية ممتازة ولكنها متأخرة وسيكون من دواعي السرور إذا استمرت وقضت على هذه الظاهرة المسيئة للشعب الفلسطيني".
أما الناشط الفلسطيني عبد الرحمن الكحلوت، الذي عبر عن رأيه قائلًا: "ما يعرف بلصوص المساعدات المسلحين ليسوا سارقين فقط بل هم مصدر تفاؤل لنتنياهو في عودة المختطفين".
ويرى الناشط الكحلوت أن لصوص المساعدات هم أحد أسباب إطالة أمد الحرب وليس تجويع المجتمع فقط.
وكشف تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، أن قوات الجيش تتيح لمسلحين فلسطينيين في قطاع غزة نهب وجباية إتاوة من شاحنات المساعدات التي تدخل إلى القطاع.
سياسة القبضة الحديدية
أما المواطن يوسف محمود، عبر عن رأيه قائلًا: "نبارك العملية ونشد على أيادي المنفذين ونؤكد أن قطع دابر هذه العصابات واجب وطني مقدس وأرجو تبني سياسة القبضة الحديدية تجاه كل من تسول له نفسه الاعتداء على قوت النازحين".
وأضاف المواطن يوسف في منشور عبر صفحته "فيس بوك": "العز والفخار للقوات الضاربة والخزي والعار للخونة ولا نامت أعين الجبناء".
ومهّد الاحتلال لانتشار هذه العصابات بالاستهداف الممنهج للعناصر والقيادات الشرطية والأمنية التي كانت تؤمن طريق المساعدات الواردة من معبر رفح، والمعابر الأخرى، الأمر الذي خلق فراغا أمنيا كبيرا استفادت منه مافيا اعتراض المساعدات، وبدأت تنشط في مناطق تخضع بالكامل لسيطرة قوات الاحتلال.
أما المواطن مهند العقيلي عبر على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي قائلًا: "إلى جهنم وبئس المصير لكل من تسول له نفسه العبث وسرقة المساعدات والتخابر مع الصهاينة ضد المقاومة الباسلة".
وأضاف المواطن العقيلي: "بوركت مقاومتنا وأجهزتنا الأمنية التي تضرب الآن بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث في أمن البلد وفي ظل الحرب القائمة والمعاناة التي سببها اللصوص بسرقة المساعدات الذين كانوا سببا في مجاعة لأهل الجنوب أيضا في سرقة المساعدات.. بوركت قوات سهم وسدد الله سهامهم التي بدأت الحرب على اللصوص منذ ساعات".
ووفق عدد من المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، أكدت أن جيش الاحتلال يستهدف بشكل متعمد الأجهزة الأمنية وأفراد الشرطة بغزة، كلّما حاولوا منع عصابات ولصوص المساعدات من السيطرة على شاحنات المساعدات، فيما توفر الحماية للمسلحين بسرقة المساعدات.
في هذا السياق، أفادت 29 منظمة دولية غير حكومية بأن جيش الاحتلال يشجع على نهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، عن طريق مهاجمته قوات الشرطة الفلسطينية التي تحاول تأمين المساعدات.
فرض الأمن بقوة
وطالب عدد من النازحين الفلسطينيين في مراكز الإيواء والخيام، الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، بفرض الأمن بكل قوة، والاستمرار بضرب كل من يحاول قطع الطريق وسرقة المساعدات.
واعتبر الشاب أحمد اليازجي في حديث لـ"الرسالة"، وهو نازح في دير البلح، أن ما قامت به وحدة "سهم" التابعة للأجهزة الأمنية ضربة موجعة لقطاع الطرق و"لصوص" المساعدات، مطالبًا بتكثيف هذه الحملات الأمنية.
فيما دعا المواطن أبو سهيل الذي يتجول في سوق دير البلح وسط قطاع غزة، الأجهزة الأمنية بالقضاء والقصاص من "لصوص" المساعدات، قائلًا: "حرمونا من الطحين والمواد الغذائية.. حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم".
وتابع المواطن أبو سهيل في حديث لـ"الرسالة": "أطالب الأجهزة الأمنية للنزول للأسواق وفرض الأمن بالقوة ومتابعة ملف التجار الذين يرفعون الأسعار ويستغلون الحرب والعدوان من أجل نهب أبناء شعبهم".
ويطلق الاحتلال أيدي عصابات ومجموعات مسلحة خارجة عن القانون في قطاع غزة، لاعتراض قوافل المساعدات والبضائع القادمة من المعابر التي يسيطر عليها، في جريمة ممنهجة، تهدف إلى تعميق أزمة الجوع في القطاع، وخلق حالة من الفوضى والأزمات الاقتصادية والأمنية.
لن تكون الأخيرة
وأوضح مصدر أمني في وزارة الداخلية لقناة الأقصى أن العملية الأمنية أمس لن تكون الأخيرة، وهي بداية عمل أمني موسع تم التخطيط له مطولا وسيتوسع ليشمل كل من تورط في سرقة شاحنات المساعدات، وبأنها ستعاقب بيد من حديد كل من تورط في مساعدة عصابات اللصوص.
ونوهت الأجهزة الامنية إلى أن الحملة الأمنية لا تستهدف عشائر بعينها وإنما تهدف للقضاء على ظاهرة سرقة الشاحنات التي أثرت بشكل كبير على المجتمع وتسببت في بوادر مجاعة جنوب قطاع غزة.
كما عبرت الأجهزة الأمنية عن فخرها بالعشائر الفلسطينية شرق رفح، وإن انجرار بعض أفرادها لمخططات السرقة لن يسيء لتاريخ هذه العائلات التي قدمت مئات الشهداء المقاومين.
كما أن الأجهزة الأمنية رصدت اتصالات بين عصابات اللصوص وقوات الاحتلال في تغطية أعمالها وتوجيه مهامها، وتوفير غطاء أمنى لها من قبل ضباط الشاباك.
وأضافت في تصريحها أنها وضعت الفصائل الفلسطينية في مخطط العملية، وحظيت بمباركة وطنية واسعة.