غزة- محمد أبو قمر
أمسك الموظف إسماعيل عمر بورقة وقلم يستكمل حساباته المالية الخاصة بشهر رمضان واستقبال العيد وكيفية تدبير أموره لحين تلقي راتب جديد ، وخرج بنتيجة "خسرانة" عض على إثرها شفتيه حائرا في البحث عن سبل لسداد الالتزامات الملقاة على عاتقه.
وثقل العبء الملقى على كاهل الموظفين الذي تزامن مع إنفاق رمضان المضاعف ومتطلبات العام الدراسي، مما وضعهم في دوامة البحث عن مخارج لتلك الضائقة.
زيادة الاستهلاك
ورغم شكاوى الموظفين وأرباب الأسر من تضاعف إنفاقهم في رمضان ، إلا أنهم لن يستطيعوا التخفيف من حدته كما يقولون.
ويقول اسماعيل: "تزامن شهر رمضان مع العام الدراسي وكلاهما بحاجة إلى مستلزمات خاصة ، والراتب لم يتغير ، ولا ندري إذا ما كانت الحكومة ستقدم على صرف راتب الشهر الحالي قبل العيد أم لا " .
ويحدو الموظفين الأمل في صرف الراتب قبل العيد كي يتمكنوا من اجتياز الأزمة المالية التي أفرغت جيوبهم لكثرة متطلبات الشهر الفضيل.
ويزداد الإنفاق في رمضان بشكل واضح ومضاعف عن بقية الأشهر كما يرى الدكتور خليل النمروطي أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية ، وذلك للأجواء الخاصة برمضان لاسيما إقامة الولائم للأقرباء ، والزيارات العائلية ، وقال " لا يمكن القول أن زيادة الإنفاق في رمضان نوع من البذخ وإنما أقرب للضرورة " .
ويعزو النمروطي زيادة الإنفاق أحيانا إلى سوء تقدير العائلة لاسيما في الولائم حيث يتعمد المضيف توفير الأطعمة بزيادة خوفا من النقصان ، موضحا أن تزامن المواسم كالعام الدراسي ورمضان في راتب شهر فقط ، وربما يحل العيد دون راتب جديد أظهر حجم الضائقة التي لحقت بالموظفين وأرباب الأسر .
وعلى الرغم من ذلك كله تشهد أسواق القطاع ارتفاعا غير مسبوق في أسعار السلع نتيجة شحها.
ويقول محمود اليازجي رئيس الغرفة التجارية في غزة إن أسعار السلع وصلت إلى أعلى معدل لها وبشكل خيالي نتيجة نقص مستلزمات شهر رمضان التي يكون الطلب عليها خلال الفترة الحالية مرتفعا كثيرا.
وأوضح اليازجي في تصريح صحفي أن الغرفة التجارية خاطبت كافة الجهات المعنية والمؤسسات الدولية بهذا الخصوص في مسعى لإدخال كافة أنواع البضائع الممنوع دخولها للمستوردين الذين تكبدوا خسائر فادحة خلال فترة حصار القطاع.
توعية ورقابة
ويزداد إقبال المواطنين في شهر رمضان على سلع بعينها كاللحوم والاجبان والألبان ، ويقول سعود السويركي رئيس الجمعية الفلسطينية لحماية المستهلك أنهم لمسوا ارتفاعا في أسعار المواد الاستهلاكية على وجه التحديد نظرا لحاجة المستهلكين وتزايد إقبالهم عليها.
وبحسب السويركي فإنهم على متابعة مع جهات الاختصاص لاسيما وزارة الاقتصاد لتفعيل الدور الرقابي من خلال مجموعات التفتيش لمراقبة مواصفات السلع ومقاييس الجودة .
وتعمل جمعية حماية المستهلك لتوعية المواطنين وحثهم على عدم الإفراط في شراء السلع ، وترشيد الاستهلاك حتى لا يفتح ذلك جشع التجار.
ويرى رئيس الجمعية أن الإنفاق في رمضان يتضاعف بنسبة مائة بالمائة قياسا مع الأيام الأخرى .
بدوره أكد أحمد أبو ريالة رئيس دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد الوطني أن فرق التفتيش تنظم متابعة يومية صباحية ومسائية للأسواق من خلال حملات تفتيش لمراقبة الأسعار واحتكار التجار وصلاحية المواد والسلع ، وطريقة عرضها ، ومطابقتها للمواصفات الفلسطينية ، مشددا على أن من تثبت مخالفته لتلك اللوائح تحرر بحقه مخالفة وتتابع قضيته في النيابة العامة .
ويعتقد مراقبون اقتصاديون أنه رغم استمرار السلطة الفلسطينية في صرف رواتب آلاف الموظفين في قطاع غزة بانتظام ومحاولة الانتعاش التي يسعي التجار لإحداثها عبر التهريب في الأنفاق الحدودية فإن كل ذلك لا يكفي لعودة دوران العجلة الاقتصادية بحدها الأدنى ، لاسيما أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والتدمير الهائل في بنى القطاع التحتية وبعض مؤسساته الخدمية فاقم من تدهور الأوضاع بما يضاف إلى استمرار عرقلة إعمار القطاع والإغلاق شبه الكلي لمعابره التجارية.
وفي تقرير صادر عنه قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة أسفر عن كارثة إنسانية عميقة، ترى انعكاساتها على الحياة اليومية للشعب الفلسطيني في غزة.
وأوضح أن الشعب الفلسطيني في غزة يشعر أنه محاصر جسمانيا وثقافيا وفكريا وحتى عاطفيا منذ عام 2007.
وتشير الأرقام الرسمية الفلسطينية إلى أن أكثر من نصف سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر ، وأن 45% على الأقل من اليد العاملة عاطلة عن العمل، كما يعاني سكانه من حصار إسرائيلي ومالي دولي خانق منذ مطلع 2006.