أثبتت الضفة المحتلة أنها لا تقبل الضيم كما الحال في شقيقتها غزة، فهبت في وجه الارهاب (الإسرائيلي) ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، في ظل القبضة الأمنية التي تتخذها سلطة رام الله المتساوقة مع رغبة الاحتلال في خمد المقاومة بالضفة بعد فشلهما في تحقيق ذلك في غزة.
وحاول الكثيرون خلال الأيام القليلة الماضية إحداث شرخ بين أهل الضفة وغزة، بدسّ السم خلال حديثهم عن امتعاض غزة من تقصير الضفة في الرد على الاعتداءات (الإسرائيلية)، بينما لم يظهر البتة أي موقف من غزة يلمح لذلك، لتظهر نواياهم الساعية لحرف البوصلة عن مقاومة الاحتلال.
فصائل العمل الوطني في غزة اجمعت في بيان صحفي صدر عنها بعد جريمة حرق الطفل على دوابشة على ضرورة تصعيد أهالي الضفة للمقاومة في وجه الاحتلال (الإسرائيلي)، فيما طالبت قيادة السلطة بوقف التنسيق الأمني باعتباره "خيانة وطنية"، وإطلاق سراح المجاهدين من سجونها؛ ليأخذوا دورهم في الدفاع عن أبناء شعبنا.
وناشدت الفصائل أبناء المؤسسات والأجهزة الفلسطينية العاملة في الضفة، بالانحياز إلى "خيار شعبنا وإجماعه الوطني"؛ لمقاومة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين العزل.
وأثبتت المقاومة الفلسطينية في الضفة وغزة على مدار سنوات الصراع أنها تكمل بعضها البعض، وتتبادل قيادة زمام المبادرة بينهما حسب ظروف كل طرف، ويشهد الفلسطينيون على ما قدموه من إنجازات عظيمة على صعيد العمل المقاوم ولا يمكن لأحد إنكاره، برغم تراجع الإنجاز في الضفة بعد 5 سنوات من بدء الانتفاضة.
وكالجسد الواحد تداعت المقاومة في غزة للدفاع عن أهل الضفة العام الماضي، إذ لم تقبل بحرق الطفل محمد أبو خضير والاعتداء على المواطنين في مدن الضفة وانتهاك المقدسات، إلى أن فتحت الجبهة على مصرعيها واستمرت المعركة 51 يوما، مثلت أكبر دليل على أن الأرض الفلسطينية واحدة لا يمكن لأحد أن يفرق بينها.
ويرى مراقبون أن ظروف الوقت الراهن لا تسمح لغزة بفتح الجبهة مجددا، فآثار العدوان (الإسرائيلي) على غزة لم تزال حتى الآن، مئات البيوت المهدمة لم تعمر بعد، وعشرات الاصابات تتلقى التأهيل اللازم لعودتها للحياة، في الوقت الذي تدور فيه عجلة الإعمار كالسلحفاة، فيما التشديد الأمني والاقتصادي يدخل سنته التاسعة على التوالي.
وفي ذات اليوم الذي أعدم فيه الطفل الرضيع على دوابشة، ارتقى إلى العلا الشهيد محمد المصري من غزة برصاص الاحتلال، لتظهر فعليا رسالة ان المصير واحد وكما توحدت الأصوات في وجه الاحتلال، انسالت الدماء معا في جنبي الوطن.
المواجهات التي اندلعت خلال جمعة الغضب التي دعت إليها حركة حماس في مدن الضفة المحتلة أكدت على تمسك الأشقاء هناك برفع راية المقاومة في وجه الاحتلال، برغم انعدام الامكانيات والتشديد الأمني من جهتي الاحتلال والسلطة الفلسطينية.
الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور شدّد على فشل كل مخططات التفرقة بين الضفة وغزة؛ لأن الكل الفلسطيني ضد تلك التفرقة، فيما الذين يحاولون تأجيجها قلة لا ترقى لأن تقود الشعب خلفها إلى تلك الهاوية.
وعن حديث البعض على المقاومة بغزة بأنها لم ترد بشكل فوري على جرائم الاحتلال، أشار شاور إلى عدم جواز المزايدة على المقاومة الفلسطينية سواء في الضفة أو غزة، إنما قد يحدث ذلك من باب الأمل بالمقاومة، "إلا أننا نعلم أن المقاومة في غزة لا تمارس دورها وفقا لردات الفعل بل هي تعرف متى وكيف ترد على اي اعتداء سواء في غزة او الضفة المحتلة".
وأكد على وجود مخطط يسعى القائمون عليه إلى حرف بوصلة المقاومة، ومن المتوقع أن يجتهد في إحداث شرخ بين غزة والضفة بعد أن كان بين حركتي فتح وحماس، وهو هدف لبعض من أسماهم بـ"المتربصين".