تُعد حركة حماس، وذراعها العسكري كتائب القسام، من أهم الحركات الوطنية وأكثرها تأثيراً في التاريخ الفلسطيني المعاصر.
تميّزت حماس عن غيرها من الحركات الوطنية بأنها قاتلت ولا تزال من الداخل المحتل، في وقت كانت معظم القوى الوطنية تركز أنشطتها خارج فلسطين، حيث كانت تلك من أكثر السلبيات لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترف كثير من رجالاتها أنهم أهملوا الداخل الفلسطيني على حساب صراعات طاحنة نشبت لسنوات بين الفصائل الفلسطينية فيما بينها من جهة، وبين الفصائل وبعض الأنظمة العربية من جهة أخرى.
شهدت نهاية ثمانينيات القرن الماضي صراعاً محموماً بين "أبو عمار" و "أبو جهاد" الذي كان مسئول القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات داخل الأراضي المحتلة، وأحد مهندسي الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت شرارتها عام 1987م، في مخيم الثورة والصمود، مخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة.
كان الخلاف بين الرجلين حول الانتفاضة التي كانت في شهورها الأولى، فبينما كان "أبو عمار" يستعجل قطاف الانجازات السياسية للانتفاضة، كان "أبو جهاد" من المتحمسين لاستمرارها، وأطلق مقولته المشهورة: (لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة). تلك كانت نقطة التحول المهمة في أداء فصائل المنظمة، ولا سيما حركة فتح التي كانت ولا تزال على رأس منظمة التحرير الفلسطينية.
لكن حركة فتح ومعها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية لم تكن وحدها في الميدان، حيث ظهرت في تلك الآونة الحركة الإسلامية كلاعب مهم في الصراع مع العدو، ومؤثر فاعل في الساحة الفلسطينية.
منذ انطلاقة حماس، سعت الحركة إلى تأسيس جناحها العسكري، وحصرت جهادها ضد العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة، مستفيدة في ذلك من الأخطاء التي وقعت فيها فصائل منظمة التحرير.
استطاعت حركة حماس خلال عقدين من الزمن أن تؤسس جناحاً عسكرياً قوياً، يقاتل في الداخل الفلسطيني المحتل فقط، ويراكم انجازاته العسكرية والأمنية والسياسية في صراعه مع العدو الصهيوني، بعيداً عن الاشتباك مع أعداء وقوى على هامش الصراع، وأبقت حماس البوصلة في الاتجاه الصحيح، بعد انحرافها لعقود من الزمن، وبذلك استفادت الحركة من أخطاء قاتلة وقعت فيها أجنحة عسكرية، وقوى سياسية فاعلة على الساحة الفلسطينية.
واليوم تعلن حماس على لسان عضو مكتبها السياسي الدكتور محمود الزهار: (أن حركته باتت تمتلك جيش التحرير وأنها تعمل على "تحرير كامل التراب الفلسطيني"، فحركة حماس وفقاً لما ذكره الزهار: (تجاوزنا موضوع الكتائب، وأصبح لدينا سبعة ألوية، في كل لواء عدة كتائب، لنكون جيش تحرير فلسطين)، مؤكداً أن حركته قامت بإعداد جيش يشبه الجيوش النظامية في العالم، ودعا للإعداد إلى ما أسماه "معركة وعد الآخرة"، التي قال إنه سيتحرر فيها القدس وكل فلسطين.
وبذلك، تصبح حركة حماس، هي الحركة الفلسطينية الأولى التي تؤسس "جيش تحرير فلسطين"، داخل فلسطين المحتلة، ولا تزال الحركة في أوج عطائها، وذروة جهادها المقدس ضدَّ العدو الصهيوني. وهي الحركة الأولى التي تحافظ على سلاحها طاهراً نقياً من أي صراع آثم تتبدد فيه الإمكانات، وتنحرف البوصلة، ويراق دم الأبرياء.
يُحسب لحركة حماس أنها تقاتل من داخل القلعة، ومن مسافة الصفر، وأنها تحفر الأنفاق، وتصنع مقذوفاتها الصاروخية، وتطور أسلحتها، وتتحول من كتائب إلى جيش تحرير فلسطين، كل ذلك يأتي من داخل فلسطين، وباتجاه فلسطين المحتلة -دون عبث التفريق- بين أراضينا في 1948م، و1967م، فالأرض فلسطينية الملامح والعينين، والتراب المقدس مجبول بدماء شهدائنا الأبرار، وإنّا لعائدون!