قائد الطوفان قائد الطوفان

عباس يسعى لشرعية زائفة ليشرع في مفاوضات عقيمة

رامي خريس

     لا يزال هناك العديد من الخطوات التي سيتجه لتنفيذها رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس لاستكمال الإعداد لطبخته التي تحدثت عنها الرسالة في عددها السابق ، ومنها إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولأنه يعلم جيداً عدم قدرته على إجراء الانتخابات في غزة فإن هناك توقعات بأن يقوم بإخراج هذه المسرحية في الضفة الغربية فقط.

شرعية زائفة

     ويبدو أن عباس وفريقه لم يعودوا راغبين في المصالحة مع حركة حماس، وهو ما تؤكده الشواهد كافة لاسيما تأجيله جولات الحوار لعدة مرات ،وهنا يرى بعض المراقبين أن هناك اتجاها لإبقاء الوضع كما هو عليه حتى نهاية العام، بحيث يحين موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شهر يناير المقبل في ظل استمرار الخصام. وفي هذه الحالة تجري الانتخابات في الضفة الغربية دون غزة، بحيث تصبح الضفة هي قاعدة الدولة الفلسطينية والممثلة لمشروعها، بما يؤدي إلى إخراج غزة وحركة حماس من الصورة تماما.

     هكذا يفكر عباس وهذا ما يريده من الانتخابات: ترسيخ شرعية زائفة ومجلس تشريعي جديد في الضفة تهيمن عليه قيادة فتح، يمكن الانطلاق بعد ذلك نحو التسوية التي تستجيب للشروط والمواصفات الإسرائيلية. وبحسب بعض المصادر فإنه تمت مناقشة هذا "السيناريو" أثناء اللقاء مع وزير المخابرات المصرية عمر سليمان في القاهرة، وكان موقف مصر واضحا فيه، إذ تحفظت على إجراء الانتخابات في الضفة الغربية وحدها، ودعت إلى ضرورة إجراء المصالحة قبل الانتخابات، حتى إذا أدى ذلك إلى تأجيل موعد إجرائها.

مصدر مصري قريب جدا من الاتصالات المصرية الفلسطينية كان قد حذر من أن عباس لا يرى مصلحة له ولا لحركة "فتح" ولا للسلطة في المصالحة مع "حماس". وأوضح المصدر أن عباس لا يريد أن يتحمل مسؤولية أعمالها وقراراتها أمام "إسرائيل" والعالم، وانه مرتاح للوضع الحالي، ولا يستعجل المصالحة، ولكن إجراء انتخابات في الضفة فقط يمثل ضرراً كبيراً محتملاً للأمن القومي المصري، لأنه سيلقي بمسؤولية غزة كاملة وإلى أجل غير مسمى على عاتق مصر.

ومع التصريحات المتتالية لمحمود عباس وأعضاء فريقه عن إجراء الانتخابات في موعدها إلا أن هناك مصادر من داخل السلطة وحركة فتح تستبعد أن يقدم عباس على مثل هذه الخطوة ، وكان عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد قال في تصريحات صحفية انه لا يعتقد بإمكانية إجراء الانتخابات دون تحقيق المصالحة.

طُعم المفاوضات

      ويبدو أن عباس سيقبل دولة على أي شيء من ارض الضفة وبأي صلاحيات يمكن أن تعطيه إياها حكومة الاحتلال ، ويستعد في هذا الإطار للدخول في عملية مفاوضات جديدة أو قد يكون دخل فيها سراً كما فعل سابقاً في أوسلو في ظل الحديث عن أفكار جديدة ستطلقها الإدارة الأمريكية لتحقيق التسوية السلمية ، ورغم أن هذه الأفكار لم تعلن رسميا بعد، فان القدر الذي عرف منها حتى الآن لا يبعث بحسب المراقبين على التفاؤل أو الاطمئنان، لاسيما أن الحديث يدور عن مقايضة الاستيطان (المؤقت!) بالتطبيع والذي يمثل انقلابا حتى على المبادرة العربية، التي أعلنتها قمة بيروت (2002)، و تحدثت عن الانسحاب الكامل مقابل التطبيع.

وإذا قبلت الدول العربية بالتطبيع يكون بذلك قد انهار خط الدفاع الأخير، الذي تملكه الحكومات العربية في دفاعها عن القضية الفلسطينية، وبذلك تشطب القضية نهائياً ، لكن الدول العربية لم تحدد موقفا رسمياً حتى الآن، ويبدو أنها تتعامل بحذر مع الأفكار الأمريكية التي يجرى الحديث عنها، بيد أن جميع الشواهد تشير إلى قبول عباس بهذه الأفكار وسيعمل على إقناع العرب بقبولها.

وسواء قبل عباس أو رفض الأفكار الأمريكية إلا أنه من المؤكد أنه يتجه للعودة إلى ابتلاع طعم مفاوضات جديدة ، ولم يستفد بذلك من تجربته القاسية مع إيهود أولمرت ، ليعود للمفاوضات من جديد مع نتنياهو وليبرمان.

البث المباشر